لماذا هذه المدوّنة؟

إطلاق المدوّنة: 27 تشرين الثاني 2014.
****************
للتذكير: سبق وأنشأنا مدوّنة هذا عنوانها http://arabicsagesse.blogspot.com/

رابط أغنية إنت المعنى (كلمات ماري القصّيفي - لحن روجيه صليبا)

رابط أغنية يا عواميد الحكمة السبعة (كلمات ماري القصّيفي - لحن إيلي الفغالي)

رابط أغنية فوق التلّة الما بتنام (كلمات ماري القصّيفي - اللحن والأداء لنادر خوري)

رابط أغنية يا حكمتنا (كلمات زكي ناصيف - لحن نديم محسن)

رابط أغنية يا عصافير النار (2019 - الصفّ الأساسيّ الثاني C)

رابط أغنية قصّة شادي وكتابو (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس A)

رابط أغنية نسّم علينا الهوا (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس B)

رابط أغنية نقّيلي أحلى زهرة (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس C)

رابط أغنية طيري يا طيارة طيري (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس D)

رابط أغنية أهلا بهالطلّة (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابعِ A)

رابط أغنية شدّوا بالصنّارة (2019- الصفّ الأساسيّ الرابع B)

رابط أغنية طلّوا حبابنا (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابع C)

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

خطاب قسم الرئيس رينيه معوض - الرئيس التاسع بعد الاستقلال والأوّل بعد اتّفاق الطائف


(1203 كلمات)
         دولة الرئيس، حضرة النوّاب المحترمين، 

        الحمد لله على نعمة الوطن الذي وهبنا، وعلى مِنّة اللقاء الذي أتاح لنا، وما أسبغ علينا من وفاق هو أساس البنيان، وجوهر الكيان، وعهد مقدّس امام الشعب والتاريخ.

        والتحيّة إلى شعبنا الحبيب، الذي عانى أشدّ الآلام وتكبّد أفدح الخسائر، وظلّ صامدًا عالي الجبهة، أبيًّا متمسّكًا بأرضه، وتراث أجداده، مدافعًا عن حريّته وسيادته. 

        إنّني أنحني بخشوع، أمام تضحيات شهداء الوطن الأبرار، من كلّ منطقة، ومن أيّ انتماء، وقد أدّوا ضريبة الدم، وتركوا في القلوب جراحًا لا تندمل، وفي المآقي دموعًا لا تجفّ.

        أذكرهم اليوم جميعًا، وأشعر بمقدار الخسارة التي مُني بها لبنان، في طاقاته البشريّة، وأشارك في الحزن الذي أصاب كلّ بيت وعائلة.
        ثمّ أتوجّه بالشكر، إليكم، أيّها الأخوة النواب، على ثقة منحتموني، وأمانة أوكلتم إليّ، وما كنت أجدر بها منكم، وقد شرّفتني رفقتكم أعوامًا وأعزّتني صداقتكم، ولن أنسى زمالة بيننا، وتضحيات جسامًا قدّمتموها، وشهادات أدّيتم، فكنتم على امتداد المأساة طليعة موكب الفداء، وجزءًا لا يتجزّأ من ملحمة الصمود والبقاء.
        والشكر العميق، للإخوة العرب، ملوكًا ورؤساء، دولًا وشعوبًا، وقد تحسّسوا آلامنا وحدبوا على قضيتنا، وأطلقوا المبادرات، وبذلوا المساعي التي توّجتها اللجنة الثلاثيّة العليا، في رعاية اجتماعات الطائف، وما تحقّق لنا بفضلها من وفاق، جسّدته وثيقة سياسية متكاملة، نعتبرها مدخلًا إلى السلام الوطنيّ وإرساء لقواعد الجمهوريّة الجديدة، جمهوريّة المؤسّسات، والمشاركة المتكافئة في المسؤوليّات، وأصالة الانتماء العربيّ، وتأكيد الولاء للوطن الموحّد القويّ، والعزم على توطيد السيادة، وبسط سلطة الدولة الشرعيّة، بقوّاتها الذاتيّة، على كلّ ذرّة من ترابها، أو قطرة من مياهها، وعلى أيّ مدى من أجوائها، وذلك موقف أساسيّ، غير قابل للجدل أو الشكّ.
        إنّنا نعلن التزامنا بنود هذه الوثيقة التاريخيّة، وحرصنا على تنفيذها تحقيقًا لعهد من المحبة والوئام، والتقدّم الاجتماعيّ، والانصهار الوطنيّ، والانفتاح الإنسانيّ.
        ونشكر من الصميم، جميع الدول الصديقة، وفي طليعتها ذات العضويّة الدائمة في مجلس الأمن الدوليّ، التي تفهّمت واقعنا، وتعاطفت مع دعواتنا، وعبّرت في شتّى المناسبات عن دعمها لوحدة لبنان، واستقلاله، وحريّته، وسيادته وسلامة أراضيه، ضمن حدوده المعترف بها دوليًّا. 

        ونسجل بعرفان وتقدير، ما أعلنه الإخوة والأصدقاء، من استعداد لمساعدة لبنان في عهد السلام الآتي، لإعادة الاعمار، وتنفيذ مشاريع التنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة، والتغلّب على اثار المحنة، وإطلاق مخطّطات النهضة. 
        حضرة النوّاب المحترمين، 
        لقد كنت دائمًا، وعرفتموني، في حياتي ومسلكي، رجل وفاق وتوفيق، أعمل لجمع الكلمة، وتوحيد الصف، وأرفض التفريق، وأعتبر اليوم أنّ رهان عمري هو إنجاز المصالحة بين اللبنانيّين، على اختلاف المشارب والاتجاهات.

        فالمصالحة الوطنيّة لا تستثني أحدًا، حتّى ولا أولئك الذين يصرّون على استثناء أنفسهم منها، المصالحة ملك الجميع، وتتّسع للجميع.
        إنّني أوجّه دعوة حارّة ملحّة، إلى كلّ اللبنانيّين، أينما كانوا، للانضمام إلى مسيرة السلام والبناء، تحت شعار الوفاق وتكافؤ الفرص، والعدالة والمساواة.
        أدعو جميع القادة، والزعماء، والفاعليّات، وأصحاب المواقع والمواقف، لأن يستوحوا مصلحة الوطن العليا، ويستلهموا ضمائرهم، فيضعوا أيديهم في يدي، وأكتافهم إلى كتفي، لأنّ الحصاد كثير، والفعلة قليلون، مهما كثروا وابتهل من الأعماق إلى ربّ الحصاد، لكي يرسل فعلة لحصاده.
        وليعلم كلّ واحد منّا، أنّه سيظلّ ناقصًا، إذا أصرّ على البقاء وحده، ورفض أخاه، وتنكّر له، وأنكر عليه دوره في الخدمة. ففي صدر الوطن وأحضانه مكان للجميع، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى دفء الوطن وفيئه، في صقيع الزمن وصحراء التجرية.
        إنّ الوطن بحاجة الينا، فلنضع حدًّا نهائيًّا للعنف والاقتتال، وليكفّ الجميع عن الاحتكام إلى السلاح، ولنعد إلى الكلمة السواء.
        فمن حقّ شعبنا أن يستعيد فرح الحياة، ومن حقّ أطفالنا أن يولدوا في أجواء الأمن والحريّة والسلام، وأن نعيش كلّنا في هناء وصفاء.
        أيّها السادة النوّاب، 

        إنّ دور المؤسّسات الدستوريّة والوطنيّة يأخذ أبعادًا متجدّدة في جمهوريّتنا، وضمن إطار نظامنا الديمقراطيّ البرلمانيّ الحرّ، الذي يلائم طبيعتنا وينسجم مع الشخصيّة اللبنانيّة، وها نحن بعد خمسة عشر عامًا من القتل والتدمير، بحاجة إلى التقاط أنفاسنا، وجمع طاقاتنا لفتح صفحة المستقبل، وسنعمد الى تأليف حكومة الوفاق الوطنيّ، التي تضم العائلة اللبنانيّة، فتعيد وصل ما انقطع، وتوحيد ما تقسّم.

        وإذ أشدّد على أهميّة الدور الذي ستضطلع به مؤسّساتنا الأمنيّة من جيش، وقوى أمن داخليّ، وأمن عامّ، فإنّي أستجيب لعاطفة متأصّلة في نفسي، وأعلن ثقتي الكاملة بجيشنا اللبنانيّ، مدرسة الشهامة والمناقب، المدافع عن الحقّ، والملتزم واجبه الوطنيّ.
        وبصفتي القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، أوجّه إليها جميعًا، قادة وضبّاطًا ورتباء وأفرادًا، وإلى جميع الجنود الذين أقسموا يمين الولاء للوطن، والتقيّد بأمرة السلطة الشرعيّة، أن يحافظوا على قداسة القسم، وشرف الجنديّة، فهم حماة النظام، ومسؤولون عن السلامة العامّة، ومشاركون أساسيّون في صنع السلام.

        إنّ القضايا المطروحة علينا كثيرة، والملفّات متراكمة أمامنا، ونحن سنواجهها بما تقتضيه من تصميم وحزم، ونستعين عليها بفريق الحكم، وأهل الخبرة والاختصاص، معوّلين على أجيالنا الجديدة التي أصابها من أذى الحرب ما يتجاوز حدود الاحتمال، ونريد جميع أبنائنا أن يعرفوا مدى حاجة لبنان إلى سواعدهم وعقولهم، فهم عدّة الوطن للمستقبل، وليعلموا أنّنا أقرب إليهم ممّا يظنّون، لأنّ تواصل الأبوّة والبنوّة هو سنّة الحياة، ومن الخطأ النظر إلى علاقة الآباء والبنين على أنّها صراع وجود، يحتّمه اختلاف الأجيال.

        إنّ الهموم اللبنانيّة أكثر من أن تحصى، وإنّي لست هنا بصدد تعدادها، ولكنّ ثمّة أولويّات لا بدّ من التركيز عليها، فالمسألة الأساسيّة هي جمع أجزاء الوطن، جزءًا جزءًا، واستعادة السيادة عليها، وإحلال السلام فيها، وأكثر ما يلحّ علينا في هذه المرحلة، إزالة الاحتلال عن الجنوب، بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدوليّ، لأنّ الإمعان في العدوان على حقّ الشعوب بالسيادة على أرضها، يتعارض مع أبسط قواعد القانون الدوليّ، ويتحدّى المجتمع الإنسانيّ بأسره.
        وفي هذا السياق، نحرص على توجيه الشكر والامتنان إلى قوّات الطوارئ الدوليّة التي تتولّى مهمّة حفظ السلام في الجنوب، ونعبّر عن وفائنا للدول الصديقة المشاركة فيها، وتقديرنا لما تبذله الأمانة العامّة من جهود، تخفيفًا لوطأة الاحتلال، ومؤاساة لشعبنا الصامد على أرضه.
        دولة الرئيس، حضرة النوّاب الكرام، 

        في عهد الوفاق الوطنيّ المطلّ علينا، لنا موعد أكيد مع التضامن والتكافل الاجتماعيّ، القائم على الإنماء والإصلاح، تحقيقًا للمساواة بين المناطق وضمانًا لمستوى لائق في تقديمات الدولة وخدماتها.


           أيّها السادة:

        إنّ علاقات لبنان الخارجيّة، يجب أن تعود إلى سابق صفائها، يجب أن تزول الأسباب التي عكّرت بعضها، وأدّت إلى انقطاع بعضها، ويجب أن تعود بيروت مركزًا للمؤسّسات الإقليميّة والدوليّة، وللبعثات الدبلوماسيّة، والممثليّات العالميّة.

        ولا شكّ أنّ تحسين العلاقات يبدأ بالأقربين، عنيت الأشقّاء العرب، وخصوصًا الجمهوريّة العربيّة السوريّة، التي نؤمن أنّ بيننا وبينها من المصالح والأواصر ما يحتّم تنظيم العلاقات المميّزة، على أساس توطيد الثقة، والتعاون الصادق الواضح في شتّى المجالات، وضمن الحرص المتبادل على الكرامة والسيادة، وإنّي على يقين أنّ حسن النيّة، ونبل القصد، يمكناننا من بناء الغد الأفضل.
        أيّها السادة النوّاب، 

        لقد أدّيت يمين المسؤوليّة وسأؤدّي واجبي كاملًا، نحو وطني وشعبي، ولن تثنيني صعوبات عن متابعة مسيرة الخلاص، وإنّي أعاهدكم على ألّا أخلد إلى الراحة إلّا وقد قامت الجمهوريّة الجديدة مكتملة الشروط والمواصفات، منيعة الجوانب، ثابتة الاركان، محاطة بدعم عالميّ إجماعيّ ودعم دوليّ كامل، وقرار عربي واضح يجب أن نكمله بتعاوننا وتفاهمنا وتعاضدنا.

        أعاهدكم بأنّني لن أسمح لنفسي بلحظة راحة، إلّا وقد استتبّ الأمن اللبنانيّ الشرعيّ في آخر بقعة من أرضنا، إلّا وقد جُمعت آخر قطعة سلاح خارج القوّات المسلّحة الشرعيّة، وتوقّف أيّ تجاوز، وقُمع أيّ ارتكاب، وأعيد كلّ حقّ إلى نصابه، ورُدّ كلّ ملك إلى أصحابه.
        لن أرتاح إلّا وقد تمّ إعمار ما تهدّم وإسكان من هُجِّر، واستعادة مَن هاجر تحت وطأة الحاجة والضغط، والتماسًا لنجاة من خطر، أو طلبًا لرزق وراء البحار، لأنّه إذا كان الانتشار الطوعيّ ميزة لبنانيّة وطابعًا حضاريًّا وإغناء تراثيًّا، فإن الهجرة القسريّة إلى خارج الوطن كالتهجير في داخله إهدار للطاقة وإذلال للكبرياء وتسبّب بالإعاقة في المضمار الإنسانيّ.
        إنّ عهدي على نفسي أن أتعاون مع كلّ مخلص دون تصنيف لأجل أن ترتفع راية الأرز فوق كلّ القمم، ويسلم حقّ المواطن، وكرامة الانسان، فتعود البسمة إلى جميع الشفاه، ويملأ الفرح كلّ القلوب، وتعمّ البركة سائر العيال

        عند ذاك، وعند ذاك فقط، نشعر براحة الوجدان، ونستحقّ الثقة، وشرف لبنان
        عاش لبنان حرًّا مستقلًّا سيّدًا لجميع أهله إلى الأبد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق