حضرات
الأهالي الكرام،
لم
يعد خافيًا الصعوبات التي نواجهها في تعليم اللغة العربيّة، يعود أكثرها إلى تركيز
الأهل والمجتمع على اللغات الأجنبيّة، واعتبار اللغة العربيّة صعبة وغير ضروريّة
في مسيرة حياة الأولاد.
وبعيدًا
عن رأي كلّ منّا بهذه اللغة، إن من حيث الجماليّة التي تتمتّع بها، أو الحاجة إليها، أو ارتباطها بالهويّة، من المهمّ توضيح الآتي:
1- هذه اللغة لم
تتغيّر طبيعتها نحو الأصعب، بل على العكس صارت أسهل وأقلّ تطلّبًا ممّا كانت عليه
يوم كنتم أنتم على مقاعد الدراسة.
2- أكثركم لا يخاطب
أولاده في البيت إلّا باللغة الأجنبيّة، وبالتالي لم يعتد أولادكم إيقاع هذه اللغة وخصوصيّة
النطق بها، ولو كان ذلك باللهجة اللبنانيّة التي تستخدم الأحرف نفسها.
فضلًا عن تركها في خلال فصل الصيف، فيعود الأولاد إلى
المدرسة وقد غاب عنهم كيف يقرأون ويكتبون.
3- إنّ المستوى الذي
نجد أنفسنا، في المدرسة، مجبرين على العمل في إطاره هو أقلّ الممكن، لتلامذةٍ، إن أعطيناهم أكثر، يصيرون قادرين على الوصول إلى
مستوى راق في التعبير باللغة العربيّة.
4- لا يمكن التلامذة
الذين لا يملكون جنسيّات أجنبيّة أن ينالوا أيّ تميّز في الامتحانات
الرسميّة إن لم يجيدوا اللغة العربيّة، وهي اللغة التي تجعلهم يفهمون التاريخ
والجغرافية والتربيّة المدنيّة.
وبالتالي، لا يمكن أن نفرض على التلاميذ الذين لا
يمكنهم اختيار المنهج الأميركيّ سياسة مخفّفة في التعلّم (القراءة،
الإملاء، القواعد، التعبير، الفهم والتحليل) لأنّ ذلك يسيء إلى مستواهم وعلاماتهم
في الامتحانات الرسميّة والجامعات.
5- إنّ سياسة قسم
اللغة العربيّة في المدرسة ليست اعتباطيّة، أو مزاجيّة، والقيّمون عليها ليسوا
هواة أو طارئين في التربية، وهم يعملون، جميعًا، بتوجيهات إدارة المدرسة. وهذه
السياسة، الناتجة عن خبرة أكثر من ثلاثين سنة في العمل التربويّ، منسجمة مع
متطلّبات الدولة وشروط التعليم.
6- لا يمكن المدرسة
أن تخضع لظروف خاصّة
تعاني منها بعض العائلات، أو مشكلات يعاني منها بعض التلاميذ، فتغيّر السياسة
التربويّة وتخالف شروطها المنطقيّة. لكنّها، في المقابل، لا تتغاضى عن هذه
المشكلات والظروف، بل تحاول معالجتها بشكل خاصّ، ومن غير تعميم هذه المعالجات على
الآخرين.
7- إنّ المعلّمات
اللواتي يعلّمن في هذه المرحلة، خضعن ويخضعن لدورات تدريب وتأهيل، ولسن جديدات في
التربية والتعليم. وهنّ مستعدّات دائمًا للتعاون من أجل مصلحة المتعلّمين. صحيح
أنّهن، كما نحن جميعًا، لسن معصومات عن الخطأ، لكنّهنّ يسعين بكلّ ما أوتين من
حكمة ومحبّة أن يضعن أنفسهنّ في خدمة المدرسة والتلاميذ.
8- إنّ قسم
اللغة العربيّة في المدرسة هو الوحيد في مدارس لبنان كلّها الذي يضع هدايا ومكافآت
وشهادات تقدير في تصرّف التلاميذ حين يحرزون أيّ تقدّم ولو كان بسيطًا.
9- إنّ قسم اللغة
العربيّة في المدرسة هو الوحيد في المدرسة وربّما في سواها الذي أنشأ مدوّنة تنشر يوميًّا صور التلاميذ الذين يحرزون تقدّمًا أو نجاحًا
في عملهم، ويضع في تصرّف الأهل نصوصًا للمراجعة، وصورًا وأغنيات وأفلامًا تنمّي
شخصيّات الأولاد وتساعد على نموّهم الفكريّ والفنيّ.
10- لعلّ مدرسة
الحكمة هاي سكول هي الوحيدة التي وضعت في تصرّف قسم اللغة العربيّة، معلّمة مساعدة
لنقدّم للتلاميذ دروسًا مجّانيّة عند الضرورة، تساعد في رفع مستوى من لم
يتمكّن من الأحرف والقراءة والإملاء. وقد أطلقنا اسم مختبر اللغة العربيّة على هذا العمل الذي تشرف
عليه هذه السنة الآنسة جويس عبّود التي أرى فيها إضافة علميّة
وعمليّة مفيدة لقسم اللغة العربيّة. والرأي نفسه يصحّ على الآنسة يارا عون في قسم الصعوبات التعلّميّة التي أعطت بحماستها واندفاعها وتعاونها نفحة جديدة وجديّة في العمل مع تلامذة نعرف أنّهم قادرون على تقديم الأفضل.
11- الإملاء والقراءة
ليسا من المحفوظات،
وبالتالي لا يمكن القبول بوضع علامة مرتفعة لتلميذ يحفظ غيبًا شكل الكلمة فيكتبها
بشكل آليّ، أو يتلو القراءة عن ظهر غيب، وحين نشير إلى كلمة معيّنة من النصّ ذاته
لا يعرف قراءتها. لذلك، فليس من سياسة القسم أن يعطي الإملاء لتدرس غيبًا في
البيت، ثمّ يمتحن التلاميذ بها، ولا أن تكون القراءة حفظًا ببغائيًّا. لكن
ذلك لا يعني أنّنا سنحكم على التلميذ من خلال ما لم نعلّمه إيّاه. فكلمات الإملاء
الاختباريّ ليست جديدة كليًّا، بل من حروف يعرفها التلاميذ. أمّا علامة القراءة
فتكون بناء على معرفة الأحرف وربطها والنطق بها.
12- جمعنا هذه السنة
علامة القواعد مع علامة الإملاء، وعلامة فهم النصّ مع التعبير، في محاولة لجعل
تعلّم اللغة وحدة متكاملة، نخفّف التجزيْء فيها، ونقلّل مثلًا من التفاوت في
العلامات بين القواعد والإملاء. وبالتعاون مع السيّدة هالة خوري، منسّقة
الدروس في هذه المرحلة، نعمل يوميًّا على رصد الضعف في أيّ مادّة كي نضع الحلول
السريعة لمعالجته. وأغتنم الفرصة لأشكر السيّدة هالة خوري على تفانيها في
العمل وجديّتها المبنيّة على خبرة نحو عشرين عامًا في التعليم، وخمسة أعوام في
التنسيق. وأشكر كذلك المعلّمات اللواتي يظهرن يومًا بعد يوم رغبة في العطاء،
تماثلها رغبة في التقدّم في أدائهنّ.
13- قد لا يعرف
أكثركم ما يمكن لأولادكم أن يقدّموه، فعلاقتي المباشرة معهم حين أزورهم في
الصفّ أو حين يأتون إلى مكتبي، تؤكّد لي يومًا بعد يوم أنّ أولادكم يملكون
طاقات هائلة من الذكاء وخفّة الظلّ، وهم يرغبون في التعلّم، ويعرفون أخطاءهم
ويعترفون بها. فدعونا نعمل معًا من أجل تأمين أجواء تعلّميّة هادئة وصحيّة على الصعيد
النفسيّ، يحصد أولادكم ثمارها علمًا وثقافة. فإن كانت اللغة العربيّة صعبة كما
يقول البعض، فذلك يعني أنّ من يتعلّمها قادر على تعلّم أي شيء آخر سواها.