لماذا هذه المدوّنة؟

إطلاق المدوّنة: 27 تشرين الثاني 2014.
****************
للتذكير: سبق وأنشأنا مدوّنة هذا عنوانها http://arabicsagesse.blogspot.com/

رابط أغنية إنت المعنى (كلمات ماري القصّيفي - لحن روجيه صليبا)

رابط أغنية يا عواميد الحكمة السبعة (كلمات ماري القصّيفي - لحن إيلي الفغالي)

رابط أغنية فوق التلّة الما بتنام (كلمات ماري القصّيفي - اللحن والأداء لنادر خوري)

رابط أغنية يا حكمتنا (كلمات زكي ناصيف - لحن نديم محسن)

رابط أغنية يا عصافير النار (2019 - الصفّ الأساسيّ الثاني C)

رابط أغنية قصّة شادي وكتابو (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس A)

رابط أغنية نسّم علينا الهوا (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس B)

رابط أغنية نقّيلي أحلى زهرة (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس C)

رابط أغنية طيري يا طيارة طيري (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس D)

رابط أغنية أهلا بهالطلّة (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابعِ A)

رابط أغنية شدّوا بالصنّارة (2019- الصفّ الأساسيّ الرابع B)

رابط أغنية طلّوا حبابنا (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابع C)

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

العصفور المغرور (للمطالعة والتفكير)



      حطّّ في أحدِ أيّامِ الصيفِ الحارّةِ غُرابٌ أسودُ على غُصنِ شجرةِ صفصافٍ ليرتاحَ من عناءِ البحثِ عن طعامٍ لصغارِه. وكان أحدُ الفلاحينَ قد استلقى منذ وقتٍ قصيرٍ تحت الشجرةِ لينالَ أيضًا قِسْطًا من الراحة. وبعد لحظاتٍ حطَّ إلى جانب الغرابِ عصفورٌ ملوّنٌ جميلٌ لكنّه كان عصفورًا مغرورًا، وصارَ يرمُقُ الغرابَ بنظراتٍ ساخرةٍ من منظرِهِ القبيح... ثمّ قالَ له بلهجةٍ مُتعاليةٍ: ألا تلاحظُ أنّك تسيْءُ إلى الشجرةِ بوقوفِكَ على أغصانِها؟! لم يهتمَّ الغرابُ لكلامِ العصفورِ المغرورِ، فغضِبَ العصفورُ وتابعَ قائلاً: أنتَ طائرٌ قبيحٌ. لِمَ لا تجدُ لنفسِكَ مكانًا على إحدى الصخورِ، فالأشجارُ للأطيارِ الجميلة مثلي؟! كان الغرابُ يقِفُ هادئًا. ويفكّر كم يحتاجُ من الحبوبِ لإطعامِ صغارِه، فتظاهرَ بأنّه لم يسمعْ ما قالَه العصفورُ وقرّرَ الصبرَ على مضايقاتِه..
      غضبَ العصفورُ من عدمِ مبالاةِ الغرابِ وقالَ في نفسِهِ: سأجعلُه يدفعُ ثمنَ تجاهلِهِ لي. وطارَ مُغادِرًا الشجرةَ، ثمّ عادَ بعدَ قليلٍ وهو يحملُ في منقارِه بعضَ الحصى الصغيرةَ، ورماها فوقَ رأسِ الفلاحِ المستلقي تحت الشجرة. لكنّ الفلّاحَ لم يتحرّكْ. استغربَ الغرابُ ممّا فعلّه العصفورُ وسألَه: لماذا تفعلُ ذلك؟! إنّ هذا الرجلُ يبدو مُتعبًا جدًّا، وسيعاقبُكَ إنْ أيقظتَهُ وربّما يضرِبُك بحجرٍ كبيرٍ ويكسِرُ جناحَكَ. ضَحِكَ العصفورُ وقال: بل سيضربُك أنت! ردَّ الغرابُ مدهوشًا: ولِمَ يضرِبني أنا وأنت من رمى عليه الحصى؟ علَتْ ضِحكةُ العصفورِ وقالَ: لأنّه عندما يستيقظُ ويشاهدُ غرابًا وعصفورًا على غصنٍ، سيقول إنّ الغرابَ هو من رمى الحصى وليس العصفور! دُهِشَ الغرابُ أكثرَ وسألَه: ولماذا سيقولُ ذلك؟! ردَّ العصفور ضاحكًا: الأمرُ بسيطٌ جدًّا، لأنّني عصفورٌ جميلٌ، وأنتَ غرابٌ قبيحٌ! طار العصفورُ مرّةً أخرى بعدَ أن قالَ للغرابِ: امهلني دقيقةً وسترى صِدْقَ ما أقولُ. كان الفلّاحُ في الحقيقة مستيقظًا، ويستمِعُ إلى حديثِهما، لكنّه تصنّع النومَ لكي يرى ما الذي سيفعله العصفورُ هذه المرّةَ.
      وبعد قليلٍ، عادَ العصفورُ المغرورُ وهو يحمِلُ شوكةً يابسةً ووقفَ إلى جانب الغرابِ الذي رجاهُ ألّا يرميَها على الفلّاح. لكنّ العصفورَ لم يستجبْ له بل رماها على وجه الفلّاح الذي تظاهرَ بأنّه استيقظ للتوّ. فرِحَ العصفورُ وقالَ للغراب: أهرُبْ قبلَ أنْ يقتلَك... هيّا... ها هو قد استيقظَ وسيقولُ إنّك أنت من رمى عليه الشوكة! فقال الغراب بثقة: إنّ الإنسانَ أيُّها العصفورُ يملِكُ عقلاً يجعلُه يميّزُ الخطأ من الصواب. لذلك لا بدّ أن يعرفَ الفلّاحُ الحقيقةَ.
      قرّرَ الفلّاحُ أن يلقِّنَ العصفورَ درسًا في معاملة الآخرين. واهتدى إلى طريقة ذكيّة ليوقِعَ به. فقال وهو ينظرُ إلى أعلى الشجرةِ كي يخدعَ العصفورَ: آهٍ... ياللغرابِ المشاكسِ الذي يرمي الأشواكَ على الآخرين. سأقبِضُ عليك أيّها الغراب. أمسك الفلّاحُ شبكةً صغيرةً وتظاهرَ بأنّه سيُمسِكُ الغرابَ. لم يتحرّكْ العصفورُ من مكانِهِ بل وقفَ ضاحكًا ليراقبَ ما الذي سيحدثُ. وكم كانت مفاجأتُه كبيرةً عندما أحاطتْ به الشبكةُ في لمْحِ البصَر، وأوقعته أرضًا بعد أن سحَبَها الفلّاحُ. ثمّ إنّه لم يجدِ الوقتَ للتفكيرِ بما حدثَ له قبل أن يمسِكَه الفلّاحُ ويقول له، وهو يربُطُ رجليه بخيطٍ صغير: أتظنني لم أسمعْ ما قلتَه للغرابِ المسكين؟ ثمّ تابعَ وهو يُحْكِمُ رباطَ الخيط: في الحقيقة أنت من ليس مكانه هنا على الشجرة، بل في قفصٍ جميلٍ مثلَك في بيتي. أمّا هذا الغرابُ فليذهبْ لإطعامِ صغارِه.
      ندِمَ العصفورُ المغرورُ كثيرًا. لكنّ ندمَهُ لم ينفعْهُ في تلك اللحظات، وفهِمَ أنّه لو كان صادقًا ومتواضعًا لنفعَه صِدقُه وتواضعُه أكثرَ ممّا نفعَه جمالُه.. وبكى وهو يرمُقُ الغرابَ الطليقَ بنظراتٍ غاضبة.‏
فؤاد عمران

***
للتأمّل والتفكير:

ما الذي كان سيحدث للغراب لو لم يستمعِ الفلّاحُ لحديث الطائرين؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق