لماذا هذه المدوّنة؟

إطلاق المدوّنة: 27 تشرين الثاني 2014.
****************
للتذكير: سبق وأنشأنا مدوّنة هذا عنوانها http://arabicsagesse.blogspot.com/

رابط أغنية إنت المعنى (كلمات ماري القصّيفي - لحن روجيه صليبا)

رابط أغنية يا عواميد الحكمة السبعة (كلمات ماري القصّيفي - لحن إيلي الفغالي)

رابط أغنية فوق التلّة الما بتنام (كلمات ماري القصّيفي - اللحن والأداء لنادر خوري)

رابط أغنية يا حكمتنا (كلمات زكي ناصيف - لحن نديم محسن)

رابط أغنية يا عصافير النار (2019 - الصفّ الأساسيّ الثاني C)

رابط أغنية قصّة شادي وكتابو (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس A)

رابط أغنية نسّم علينا الهوا (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس B)

رابط أغنية نقّيلي أحلى زهرة (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس C)

رابط أغنية طيري يا طيارة طيري (2019 - الصفّ الأساسيّ الخامس D)

رابط أغنية أهلا بهالطلّة (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابعِ A)

رابط أغنية شدّوا بالصنّارة (2019- الصفّ الأساسيّ الرابع B)

رابط أغنية طلّوا حبابنا (2019 - الصفّ الأساسيّ الرابع C)

الجمعة، 22 فبراير 2019

أخلاقيّات الإنترنت




أخلاقيّات في الإنترنت
منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام
مقدّمة
1. "إنّ البلبلة القائمة اليوم في عالم الاتّصال تقتضي، لا ثورة تقنيّة فحسب، بل إعادة صياغة كاملة للوسائل التي بها تدرك البشريّة العالم المحيط بها وتتحقّق من هذا الإدراك وتعبّر عنه. فلوضع الصور والآراء في متناول الجميع ونقلها السريع، وإن من قارة إلى قارة، نتائج إيجابيّة وسلبيّة في آن على النمو السيكولوجيّ والأخلاقيّ والاجتماعيّ وعلى هيكليّات المجتمع وعملها وعلى التبادل بين الثقافات وعلى إدراك القيم ونقلها وعلى الأفكار العالميّة والفلسفات والقناعات الدينيّة".
        خلال السنين العشر الأخيرة تبدو حقيقة هذه التأكيدات أكثر وضوحًا. فلا يقتضينا الكثير من المخيّلة اليوم لكي ندرك أنّ كوكبنا أصبح شبكة عالميّة تدمدم موجات إلكترونيّة، كوكبًا "في حديث" مختبئًا في صمت منزوٍ في الفضاء. القضية الأخلاقيّة هي أن نعلم إنْ كان كلّ هذا يساهم في نموّ صحيح للشخص البشريّ وهل يساعد الأفراد والشعوب على أن يصيروا أكثر أمانة لمثيرهم الفائق الطبيعة.
        طبعًا، في نواحٍ عدّة الجواب هو نعم. فوسائل الاتّصال الحديثة تمثّل وسائط قويّة للتربيّة وللغنى الثقافي وللنشاط التجاري وللمشاركة في الحياة السياسيّة وللحوار والتفاهم بين الحضارات، كما تخدم أيضًا القضيّة الدينيّة كما بيّنا في الوثيقة المرفقة بهذه، إنما لهذه الايقونة وجهها السلبي: وسائل الاتصال الاجتماعيّة، التي تستطيع أن تساهم في خير الأفراد والجماعات، تستطيع أيضًا أن تساعد على الاتصال والخداع والهيمنة والفساد.
2. الانترنت هو الأخير وهو، من وجوه كثيرة، أشدّ تأثيرًا من عدّة وسائل للاتصال – تلغراف، تلفون، راديو، تلفزيون – التي، منذ قرن ونصف قرن، ألغت تدريجيًا الحواجز التي كان الزمان والمكان قد وضعها في سبيل الاتصال. فتأثيره عظيم على الأفراد والدول وجماعة الأمم.
        نريد في هذه الوثيقة عرض وجهة نظر كاثوليكية بخصوص الانترنت كنقطة انطلاق لمشاركة الكنيسة في الحوار مع سائر قطاعات المجتمع وبخاصة مع سائر الجماعات الدينية بخصوص إنماء هذه الشبكة الهامّة المتعددة سبل الاتصال وحسن استعمالها. الانترنت هو نبع لخيور كثيرة، وهو يبشّر بأن يصبح أكثر إفادة. إنّما باستطاعته أيضًا أن يكون سبب شرور كثيرة. ما سيكون عليه الانترنت، خيرًا أم شرًا، هو أصلًا قضية تمييز – اختيار تحمل اليه الكنيسة نوعين من المساهمة: التزامًا بكرامة الإنسان وتقليدًا في ميدان الحكمة الأخلاقيّة.
3. كما هي الحال، بالنسبة إلى وسائل الإعلام الأخرى، فالشخص البشري والجماعة البشريّة هما أساسيّان للحكم الأخلاقي على الإنترنت. بما يتعلّق بالرسالة المبثوثة وطريقة بثها والقضايا الهيكلية ونظام البث، "المبدأ الأخلاقي الأساسي هو الآتي: الشخض البشري والجماعة البشرية هما الغاية والمقياس لاستعمال وسائل الاتصال الاجتماعيّة. من يجب أن يقوموا بالاتصال هم الأشخاص في سبيل انماء كامل لأشخاص لآخرين"
        فالخير العام – "أي مجموعة أوضاع وظروف اجتماعيّة تسمح للجماعات ولكل فرد من أفرادها بالوصول إلى الكمال بطريقة تامة وأكثر سهولة" – يعرض مبدأ ثانيًا أساسيًا لتقويم اخلاقي لوسائل الاتصال. وعلينا أن نفهم هذا الخير بطريقة كاملة، كمجموعة أهداف هامّة يلتزم أعضاء الجماعة بوضعها موضع التنفيذ، وتجد سبب وجودها في تحقيقها وتطويرها، إذ خير الأفراد يرتبط بخير الجماعات العام.
        والفضيلة التي تحمل الأفراد على الحفاظ على الخير العام هي فضيلة التعاضد. لا نعني بذلك عاطفة "شفقة غامضة أو حنان سطحي" تجاه بؤس الآخرين، "بل قرارًا ثابتًا ومستمرًّا للعمل للخير العام، أي خير الجميع وخير كل إنسان لأننا جميعًا مسؤولون حقًا عن الجميع". وبالأخص في يومنا هذا، يأخذ التعاضد بعدًا واضحًا وعالميًّا فيصحّ أن نتكلّم على خير عام دولي لا بل من الضروري العمل له.
4. إن الخير العام الدولي وفضيلة التعاضد وثورة الاتصال بتعدّد اشكالها وتقنيّة الاعلام، كما الانترنت، كل هذا يمثّل جزءًا من عمليّة العولمة.
        إلى حد بعيد تدير التقنيّة الجديدة وتحقق هيكليّة العولمة إذ تخلق وضعًا لم تعد فيه "التجارة والاتصال محدودين بحدود البلدان". ونتائج ذلك شديدة الأهميّة. فباستطاعة العولمة العمل على ازدياد الثروة وتطوير الانماء، وتقدم حسنات "كالفاعليّة والوفرة والانتاج ] ...[ ]وتقوية[ عمليّة الوحدة بين الشعوب ]وتحسين[ الخدمات للعائلة البشريّة". لكن إلى اليوم لم تتوزع هذه الثروات بطريقة منصفة. فبعض الأفراد والجماعات التجاريّة اغتنوا بسرعة بينما بقي آخرون في المؤخّرة. بلدان برمتها حُرمت تقريبًا من هذا التطوّر ولا تجد لها مكانًا في العالم الجديد الذي يتكوّن. "فالعولمة التي بدّلت بعمق الأنظمة الاقتصاديّة، بخلقها امكانيات نمو تفوق المرتجى، هي أيضًا تركت الكثيرين على حافة الطريق: البطالة في البلدان الأكثر تطورًا والبؤس في العديد من بلدان النصف الجنوبي من الأرض لا يزالان يبعدان الملايين من الرجال والنساء عن النمو والسعادة".
        حتى المجموعات التي دخلت في حيّز العولمة، ليس من الأكيد انها دخلت عن اختيارٍ حرّ ومدرك للأمور. بل على العكس، "اشخاص عديدون، وبخاصة المحرومون، يشعرون والأمن وسرّية المعلومات وحقوق الكاتب وقانون الملكيّة الفكريّة والانتاجات الخلاعيّة والمناظر التي تحمل على البغض ونشر الشائعات والطعن بحجة المعلومات، وغير ذلك. سنذكر باختصار بعض هذه المظاهر وأعني انها تتطلّب بحثًا وجدلًا مستمرّين من قبل كل الأطراف المعنيّة. وفي كل حال، لن نعتبر الانترنت ينبوع مشاكل فقط، بل نعتبره على العكس ينبوع ثراء للجنس البشري – إنما ثراء لن يتحقق تمامًا إلّا بعد حلّ المشاكل العالقة.
2
حول موضوع الانترنت
7.  يملك الانترنت عددًا من الخصائص المدهشة. فهو فوري، مباشر، عالمي، لا مركزي، تفاعلي، قابل للتطوّر إلى ما لا نهاية بمحتواه وتأثيره، ويبلغ درجة كبيرة من المرونة وامكانية التأقلم. مساواتي بحيث أنّ من يملك المادّة الضروريّة وقليلًا من الامكانات التقنيّة يستطيع أن يحصل على حضور فاعل في فضاء علم السيبرنيّات (تبادل المعلومات عبر الأثير    cybernetique)، ويعلن رسالته للعالم ويفرض الاصغاء اليه. وهو يسمح للمرء أن يبقى مجهولًا وان يلعب دورًا وان يطوّر مخيّلته، كما يسمح بشعور جماعي وبالمشاركة. وبحسب ذوق كل شخص، يتجاوب مع المشاركة الفعّالة ومع الالتقاط المنفصل "في عالم الاثارة النرجسية المركّزّة على الأنا التي تشابه نتائجها المخدّرات". ويمكن استخدامه للتغلّب على العزلة لدى الأفراد والجماعات أو لإنمائها.
8. الشكل الخارجي التقني الذي يرتكز عليه الانترنت هو على علاقة متينة بمظاهره الأخلاقيّة: فقد مال الناس إلى استعماله بالطريقة التي وُضع لها بحيث أنّهم يكيّفونه وفقًا لهذا النوع من الاستعمال. فهذا الجهاز "الجديد" ظهر ابّان الحرب الباردة في الستّينات حيث وُضع لإبطال مفعول الهجمات النوويّة إذ يخلق شبكة لامركزيّة من الأجهزة الحاسبة التي تحتوي على معطيات حيويّة. فاللامركزيّة كانت مفتاح هذا المشروع إذ كانوا يظنون انه هكذا لو ضاع جهاز جانب أو عدّة أجهزة، لن يضع كلّ المعطيّات.
        إنّ رؤية مثاليّة للتبادل الحرّ في المعلومات ولأفكار لعبت دورًا هامًا في تطوير الانترنت. لكنّ شكله اللامركزي ومشروع "World Wide Web" الشبكة العنكبوتية العالمية، اللامركزي في نهاية الثمانينات ما كانا سوى ثمرة ذهنيّة متحررة تناقض كلّ ما له علاقة، من قريب أو من بعيد، بالتنظيم الشرعي في خدمة الأمان العام. فظهرت اذن فردانيّة متطرّفة فيما يخصّ الانترنت، فقالوا: إليكم مملكة جديدة، إليكم البلد السحري للفضاء السيبرنتي حيث يُسمح لكلّ انواع التعبير وحيث الشريعة الوحيدة هي الحريّة الفرديّة الكاملة لكي يعمل الانسان ما يريد. لا شك في أنّ هذا يعني أنّ الجماعة الوحيدة المعترف بحقوقها ومصالحها في الفضاء السيبرنتي هي جماعة المتحرّرين الراديكاليّين. هذا النوع من التفكير حافظ على تأثيره في بعض المجتمعات تسانده الحجج التحرريّة المعروفة المستعملة للدفاع عن المنتجات الخلاعيّة والعنف في وسائل الاعلام عامة.
        وبالرغم من أنّ الراديكاليّين والمتعهدّين يمثلّون جماعتين مختلفتين تمامًا، فهناك مصلحة مشتركة بين الذين يريدون أن يكون الانترنت مكانًا لكل أنواع الانتشار مهما كان فاسدًا وهدّامًا وبين الذين يريدون الانترنت شبكة للنشاط التجاري الحر المرتكز على نموذج ليبرالي جديد "يعتبر الربح وقوانين السوق معايير مطلقة على حساب كرامة الانسان والشعوب واحترامهم".
        9. إن تفجّر تكنولوجيا المعلوماتيّة ضاعف امكانيّات الاتصال لدى بعض الأفراد والجماعات المحظوظة. فباستطاعة الانترنت خدمة الأشخاص في استعمالهم المسؤول لحريّتهم ولديمقراطيتهم وتوسيع سلسلة الاختيارات المتوفرّة في الكثير من مجالات الحياة وزيادة الامكانيات التربويّة والثقافيّة والقضاء على الخلافات وتشجيع الانماء البشري على أكثر من صعيد. "هذا الدفق الحرّ من الصور والكلمات على الصعيد العالمي راح يغيّر ليس فقط العلاقات السياسيّة والاقتصاديّة بين الشعوب بل أيضًا مفهوم حقيقة العالم. لهذه الظاهرة امكانيّات لم نكن نفكّر بها سابقًا". والحوار الثقافي الذي اصبح ممكنًا بواسطة الانترنت وغيره من وسائل الاتصال الاجتماعي، اذا ما تأسّس على قيم مشتركة متجذّرة في طبيعة الانسان، بوسعه أن يصبح "وسيلة مميّزة لبنيان حضارة المحبة".
        هذا ليس كل شيء. "فالإمكانيّات ذاتها التي تستطيع أن تؤدّي إلى اتصال رائع تستطيع أيضًا أن تؤديّ إلى ازدياد الأنانيّة والتغرّب" باستطاعة الانترنت توحيد البشر ولكن باستطاعته ايضًا تقسيمهم كأفراد أو كجماعات تفرّقهم الشكوك المتبادلة على صعيد الايديولوجيا والسياسات والثروات والعرق والشعوبيّة والدين. فقد استُعمل حتى الآن كوسيلة عدوانيّة وشبه سلاح حربي، كما انهم يتكلمون على خطر آتٍ من "ارهاب سيبرنتي". قد يكون من سخرية القدر الحزينة أن تعود هذه الإمكانيّة الهامة لوحدة البشر إلى ما خُلقت له في الأصل، ابّان الحرب الباردة، أي إلى ساحة لحرب عالميّة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق