|
تمثال في اليابان يظهر أنّ قيمة الانسان تقاس بعدد الكتب التي يقرأها |
أينَ تكمنُ قيمةُ الإنسانِ؟
يظنُّ
الكثيرُ منَ الناسِ أنَّ قيمةَ الإنسانِ تكمنُ في ما تفضّلَ اللهُ عليْهِ منْ
عِلمٍ وَمواهبَ وَنِعَمٍ كَالأموالِ وَالمواقعِ الاجتماعيّةِ وَالرسميّةِ البارزةِ
وَالشهاداتِ العلميّةِ وَلذلكَ فَإنَّهم يتعاملونَ معَهم على هذا الأساسِ
وَيُقدّمونَ لهم كلَّ آياتِ الاحترامِ وَالتمجيدِ بل يصلُ الأمرُ أحيانًا لِدرجةِ
التقديسِ، غيرَ إنَّ هؤلاءِ ينقسمونَ إلى فئتينِ، فئةٍ تقومُ بذلك عنْ جهلٍ
مُعتقدينَ أنَّ هؤلاءِ همُ النموذجُ المُحتذى بِسببِ الشعورِ بالنقصِ إزاءَ
المستلزماتِ التي يمتلكونَها وَكانَتْ سببًا لِتبوّئِهم تلكَ المواقعِ؛ أمّا الفئة
الأخرى فإنّها تؤدّي هذا الدور تملّقًا عن علم مسبق لتحقيق مصالح شخصيّة وفي الوقت
نفسه قد يضمر بعض أفراد هذه الفئة لهم الحسد أو الحقد.
وَهذا
المعيارُ لا يمكنُ
أنْ يُحتذى بِهِ لِأنَّهُ غيرُ قائمٍ على أساسٍ علميٍّ أوْ منطقيٍّ، فَالعلمُ وَالمنطقُ
يَعِدانِ أنَّ قيمةَ الإنسانِ تكمنُ في مقدارِ المنفعةِ التي يُقدّمُها لِلناسِ وَعددِ
المستفيدينَ منْ هذهِ المنفعةِ وَكذلكَ في مقدارِ الضررِ الذي يرفعُهُ عنْهم وَعددِ
المشمولينَ بِذلكَ. وَلِذا،
فَإنَّنا نعتقدُ بأنَّ العالِمَ، سواءٌ أَكانَ
في العلومِ الدينيّةِ أم في العلومِ الدنيويّةِ، ليسَ لَهُ أيّةُ قيمةٍ تُذكرُ
مهما بلغَ علمُهُ، ما لمْ
يوظّفْ هذا الخزينُ العلميُّ وَهذهِ الموهبةُ الربّانيّةُ في خدمةِ أبناءِ جلدتِهِ
منْ خلالِ التصدّي لِلمشاكلِ وَالمعضلاتِ التي يواجهونَها منْ أجلِ جعلِ حياتِهم أفضلَ وَدفعِها بِاتّجاهِ الازدهارِ وَالرفاهيّةِ
بِوتيرةٍ متصاعدةٍ وَمستمرّةٍ وصولًا إلى أكبرِ قدرٍ منَ السعادةِ لِأكبرِ عددٍ منَ
الناسِ، وَتكونُ القيمةُ أكبرُ
كلَّما اتَسعَتْ دائرةُ الاستفادةِ إلى أعدادٍ أخرى وَمجتمعاتٍ أخرى، وَإنْ لمْ
يفعلوا ذلك فما هوَ فضلُهم على الآخرينَ وَما هوَ فرقُهم عنِ الجهَلَةِ وَالأُمّيّينَ؟
وَلو ألقيْنا نظرةً بسيطةً على ما موجودٌ في بلادِنا العربيّةِ منْ
علماءَ وَشخصيّاتٍ وَمثقّفينَ وَأثرياءَ، لَوجدْنا أعدادًا تحسدُنا كلُّ الشعوبِ
عليْها، وَلوْ ألقيْنا
نظرةً أخرى على مشاكلِنا وَعلى ما نُعانيهِ منْ تخلّفٍ وَجهلٍ وَمرضٍ وَانتهاكاتٍ
لِلحقوقِ وَالحرّيّاتِ الفرديّةِ وَالجماعيّةِ وَتمزّقٍ خطيرٍ لِلنسيجِ الاجتماعيِّ
على كلِّ المستوياتِ في الجسدِ الوطنيِّ وَالقوميِّ وَالدينيِّ، لِتوصّلَنا إلى
استنتاجٍ خطيرٍ وَمثيرٍ يؤكّدُ أنَّ مجتمعَنا خالٍ منْ أيٍّ ممّا ذكرْنا بلْ على
العكسِ منْ ذلكَ، فَقدْ تأكّدَ لدى القاصي وَالداني، أنَّ ما نتوفّرُ عليْهِ هم
علماءُ وَأثرياءُ وَشخصيّاتٌ تُمسكُ بِالمعاولِ وَتهدمُ ما تبقّى منْ آثارٍ لِكيانٍ ورقيٍّ اسمُهُ وطنٌ وَأمّةٌ.
وَهذا
الوصفُ التراجيديُّ لم ينبعْ منْ فراغٍ وَلا ينمُّ عنْ نظرةٍ سوداويّةٍ فلا يجوزُ
أنْ نيأسَ منْ رحمةِ اللهِ وَلا يعني في كلِّ الأحوالِ، أنَّنا عدمْنا الأخيارَ، وَلكنَّ
لِلباطلِ عضلاتٍ قويّةً، وَالأخيارَ أوّلُ المستهدفينَ وَليسَ أمامَ شعوبِنا منْ
سبيلٍ إلى النجاةِ إلّا التوحّدُ وَالتصدّي لِلأشرارِ بِأيِّ لونٍ أوْ شكلٍ أو صفةٍ
جاءوا، فقد تبيّنَ الرشدُ منَ الغَيِّ، وَالخيطُ الأبيضُ منَ الخيطِ الأسودِ، وَلاعذرَ
بعدَ اليومِ لِكلِّ قادرٍ أنْ يؤدّيَ ما يقدرُ عليْهِ وَلتتوقّفِ اختلافاتُ العربِ
جميعًا وَاقتِتالُهم على كلِّ المستوياتِ الوطنيّةِ وَالقوميّةِ وَالدينيّةِ، وَليدركِ
الجميعُ أنَّ الذي يحدثُ بينَهم الآنَ تنفّذُهُ أطرافٌ ثالثةٌ ضدَّ هذا الطرفِ أو
ذاكَ، تاركةً بصماتِ الطرفِ الآخرِ على الجريمةِ، لِإشعالِ الفتنةِ وَإيقادِها وَتغذيتِها،
وَليسَ لِلمواطنينَ يدٌ بِهِ أو دورٌ فيهِ عدا الأشرارِ مِمّنْ ذكرْنا وَالمنحرفينَ،
أو بعضِ مَنْ تنطلي عليْهِ اللعبةُ وَيبتلعُ الطعمَ، فلا يتحمّلُ حجمَ الضررِ
الكبيرِ الذي يلحقُ بِهِ، فَيَنساقُ خلفَ عواطفِهِ وَشهواتِهِ بِدونِ رؤيةٍ أو رَوِيّةٍ، فَتصدرُ عنْهُ ردّةُ فعلٍ ضدَّ إخوانِهِ،
وَبِدونِ أن يعيَ أو يُدركَ أنَّ ما يفعلُهُ هوَ المطلوبُ، وَهوَ الذي يريدُهُ
الأعداءُ، معَ أنَّ
ماتتناقلُهُ وسائلُ الإعلامِ في كلِّ لحظةٍ يؤكّدُ بِما لا يدعُ مجالًا ِللشكِّ،
أنَّ ما يحصلُ يستهدفُ وحدةَ الشعبِ والأمّةِ.
وَهكذا
إذًا، فَإنَّنا يجبُ أنْ نُقيّمَ
الإنسانَ على مقدارِ ما يصدرُ عنْهُ منْ قولٍ أو فعلٍ، يجلبُ نفعًا أو يدفعُ أذًى،
أو الاثنينِ معًا، وَعلى مقدارِ هذا النفعِ أو الأذى المدفوعِ، وعلى عددِ
المستفيدينَ منْ ذلكَ في حينِ تكونُ القيمةُ مساويةً بِالمقدارِ، وَمعاكسةً بِالاتّجاهِ
عندَ حدوثِ الفعلِ المناقضِ الذي يجلبُ الضررَ وَيمنعُ دفعَ الموجودِ منْهُ بدلًا
منْ جلبِ المنفعةِ.
غازي الجبّوري - موقع
نور الإلكترونيّ
24
تشرين الثاني 2007 - بتصرّف
أوّلًا: في الفهم والتحليل (تسع علامات)
1- إنطلاقًا منَ الحاشيةِ، ما النوع الأدبيّ الذي ينتمي إليه النصُّ؟ (1)
2- ما النمطُ الغالبُ
على الفقرةِ الثانيةِ منَ النصِّ؟ علّلْ جوابَكَ بِمؤشّرَينِ مدعّمَينِ بِشواهدَ
نصّيّةٍ. (3)
3- ما وظيفتا الكلامِ في
الفقرةِ الثالثةِ منَ النصِّ ؟ إدعمْ
جوابَكَ بِشواهدَ نصّيّةٍ. (2)
4- ما الوظيفةُ
السياقيّةُ لأداتَيْ الربط لو (م2)
– وهكذا إذًا (م5).
(1)
5-
أعِدْ كتابةَ ما يأتي، ضابطًا أواخرَ الكلماتِ فيهِ. (2)
أمّا
الفئة الأخرى فإنّها تؤدّي هذا الدور تملّقًا عن علم مسبق لتحقيق مصالح شخصيّة وفي
الوقت نفسه قد يضمر بعض أفراد هذه الفئة لهم الحسد أو الحقد. (لا يُعتبرُ الضميرُ آخرَ الكلمةِ)
ثانيًا: في التعبير الكتابيّ (ثماني علامات)
الموضوع: يعتبرُ البعضُ أنَّ قيمةَ
الإنسانِ تكمنُ في ما يحويهِ منْ مالٍ، وَما يملكُهُ منْ أراضٍ وَمبانٍ، في حين
يعتبرُ بعضٌ آخرُ أنَّ قيمةَ الإنسانِ تكمنُ في ما حصّلَهُ منْ أخلاقٍ وَتعليمٍ
وَثقافةٍ.
اكتبْ مقالةً متماسكةَ
الأجزاءِ، تناقشُ فيها هذينِ الرأيينِ، ثمَّ تُبدي رأيَكَ الخاصَّ في معيارِ قياسِ
قيمةِ الإنسانِ في مجتمعِنا المعاصرِ، واضعًا عنوانًا مناسبًا لمقالتِكَ، داعمًا
أفكارَكَ بشواهدَ منْ واقعِ الحياةِ.
جدول قياس العلامة:
قسّم موضوعه وفق
منهجيّة بنية المقالة ووضع عنوانًا مناسبًا
|
0.5
|
قدّمَ لموضوعه وطرح
الإشكاليّات في المقدّمة
|
1
|
عرض كلَّ رأيٍ في
فقرة مستقلّة وتوسّع فيهما ومثّل عليهما
|
3
|
عرض رأيه الخاصّ
وتوسّع فيه ومثّل عليه
|
1
|
ختم موضوعه وفتح
آفاقًا جديدة
|
1
|
كتب بلغة سليمة
مراعيًا قواعد اللغة والإملاء
|
1
|
كتب بخطّ واضح
ومقروء وحافظ على النظافة والترتيب
|
0.5
|
ثالثًا: في الثقافةِ الأدبيّة
العالميّة (ثلاث علامات)
ربَّما
كانَ هناكَ بيتٌ، في تلكَ الناحيةِ، يُشرِّعُ بابَهُ على الأبدِ، تاركًا لأشعّةِ
الشمسِ الطالعةِ، هذا الصباحَ، أن تؤدّيَ رسالتَها، فتُرسِلُ نورَها الساطعَ.
وربّما كانَ هناكَ قلبٌ، هذا الصباحَ، توحي إليْهِ الزهورُ المتفتِّحةُ في
الحدائقِ وعلى الأسْيِجَةِ، بمعنى العطاءِ السالكِ طريقَهُ أبدًا عبرَ العصورِ.
جنى
الثمار – 66
حلّلْ هذه المقطوعةَ شارحًا رموزَها.
****
أسس تصحيح إمتحان
نهاية السنة 2018
أ- في الفهم
والتحليل:
1- النصّ مستخرج من
صحيفة نور الإلكترونيّة، إذًا هو مقالة. (1)
2- النمط الغالب على
الفقرة الثانية هو البرهانيّ (1). مؤشّران مدعّمان بشواهد نصّيّة لكلّ واحد علامة (1*2)
3- وظيفتا الكلام: الإنفعاليّة (0.5) ضمائر المتكلّم: تعلّمـنا (0.5) والفنّيّة (0.5) بلاغة: طباق: القاصي والداني (0.5)
4- لو: تفيد الشرط أي ربط السبب بالنتيجة، فربطت سبب
إلقاء النظرة بنتيجة إيجاد أعداد تحسدنا عليها الشعوب (0.5)
وهكذا إذًا: تفيد الإستنتاج أنّه علينا تقييم الإنسان وفق ما
يصدر عنه من قول وفعل. (0.5)
5- أمّا الفئةُ الأخرى فَإنَّها تؤدّي هذا الدورَ تملّقًا عنْ علمٍ
مسبقٍ لِتحقيقِ مصالحَ شخصيّةٍ وَفي الوقتِ نفسِهِ قدْ يضمرُ بعضُ أفرادِ هذهِ
الفئةِ لهمُ الحسدَ أوِ الحقدَ. (يحسم لكلّ خطأ 0.5= أربعة أخطاء صفر)
ب- في التعبير الكتابيّ:
قسّم
موضوعه وفق منهجيّة بنية المقالة ووضع عنوانًا مناسبًا
|
0.5
|
قدّمَ
لموضوعه وطرح الإشكاليّات في المقدّمة
|
1
|
عرض
كلَّ رأيٍ في فقرة مستقلّة وتوسّع فيهما ومثّل عليهما
|
3
|
عرض
رأيه الخاصّ وتوسّع فيه ومثّل عليه
|
1
|
ختم
موضوعه وفتح آفاقًا جديدة
|
1
|
كتب
بلغة سليمة مراعيًا قواعد اللغة والإملاء
|
1
|
كتب
بخطّ واضح ومقروء وحافظ على النظافة والترتيب
|
0.5
|
ج- في الثقافة
الأدبيّة العالميّة:
فعل الإيمان "أخذ وإعطاء"، فالقلب
المؤمن يفتح بابه ليأخذ رسالة من الله (بيت يشرّع بابه... تاركًا لأشعّة
الشمس...)، وَمنْ ثَمَّ يُعطيها عطرًا فوّاحًا للآخرين، شأنه شأن الزهرة الفوّاحة
التي تهِب عطرها من دون أن تسأل عن المتلقّي. (وربّما كان هناك قلب، هذا الصباح،
توحي إليه الزهور... بمعنى العطاء...) (3)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق