إمتحان نهاية السنة في اللغة العربيّة - الثانويّ الثالث - اجتماع واقتصاد - أيّار 2015

حبيب معلوف

النفايات 

مِنْ أهمِّ مفارقاتِ العصرِ الحديثِ أنْ يصبحَ للنفاياتِ، تلكَ البقيّةِ الباقيةِ، تلكَ المَرميّةِ، تلك المُحتَقَرَةِ... كلفةٌ كبيرةٌ لمعالجتها، لا يمكنُ احتمالُها. كلفةٌ قد توازي ما يحتاجُهُ العالمُ من غذاءٍ إضافيٍّ لإطعاِم كلِّ جياعِ الأرض!

قيلَ عنها إنّها «ضريبةُ التقدّمِ».. وقد تحوّلَتْ الى عائقٍ حقيقيٍّ أمامَهُ أيضًا. لقد باتَتِ النفايات، على أنواعها، من أكبرِ ديونِ البيئة المستحقّةِ. فهي منذُ الثّورةِ الصناعيّةِ، ومعَ سيطرةِ اقتصادِ السوقِ القائم على زيادة الإنتاج والاستهلاك، بدأَتْ تزدادُ وتتراكم، إنْ على المستوى العالميِّ أو على المستوى المحليِّ، إنْ على مستوى أبسطِ أنواعِها، كتلك المنزليّةِ، أو على مستوى أخطرِها كالنفاياتِ النوويّةِ. بسبب أولويّاتِ مشاريعِ التنميةِ والاستثمارِ، تركْناها تتراكمُ منْ دونِ معالجةٍ جدّيّةٍ، حتّى زادَتْ كلفةُ معالجتِها أضعافًا مضاعفة. لكنْ، حينَ بدأَتْ كلفةُ معالجةِ تأثيراتِها تتفاقمُ أيضًا، إنْ لناحيةِ تلويثِ الهواءِ والتّربة والمياهِ الجوفيّةِ.. انشغل العالم في كيفيّة معالجة هذه الآفة التي عجزت التقنيّات جميعها عن معالجتها بأكلاف معقولة. فرميها بعشوائيّة وتركها تتراكم، كما طمرها، كما حرقها... تترك آثارًا سلبيّة خطرة على النظم البيئيّة وعلى الصحّة العامّة لم تعد خافية ولا معقولة ولا محتملة.

يختلفُ لبنان عن باقي دولِ العالمِ في نِسَبِ الانبعاثاتِ من نفاياته. فهي تشكّلُ ما يقارب 9% من مجملِ الانبعاثاتِ المسبّبةِ بتغيّرِ المناخ، وهي نسبةٌ عاليةٌ جدًّا، تبلغُ أكثرَ من ضعف المعدّل العالميِّ الذي يحتسبُ الانبعاثاتِ المتولّدةَ منَ النفاياتِ بما بين ٣ و4 % من الانبعاثات، لاسيّما من غاز الميتان الذي يعتبر أكثر تأثيرًا في الغلافِ الجويِّ من غاز ثاني اوكسيد الكربون بأكثر من ٢٠ مرّةً.

راكَمَ لبنانُ عددًا كبيرًا من المكبّاتِ العشوائيّةِ ومنَ الجبالِ الجديدة على طولِ الشاطئ، تتخطّى كلفةُ معالجتِها الحقيقيّةِ النصفَ مليار دولار أميركيّ. وهو رقمٌ كبيرٌ جدًّا يستحيلُ تأمينُهُ بالتأكيد، تمامًا كما تستحيلُ معرفةُ انعكاساتِ التلوّثِ، الذي تسبّبُهُ تلك النفاياتُ في الهواءِ والتربة ومياهِ الأنهرِ والبحرِ وتلك الجوفيّةِ، وحجمِهِ وكلفتِهِ.

لا تقتصرُ كيفيّةُ المعالجةُ على إيجادِ التقنيّاتِ أو المفاضلةِ بينها. دولٌ كثيرةٌ متقدِّمةٌ وناميةٌ باتَتْ تضعُ الاستراتيجيّاتِ في صلبِ عمليّاتِ التنميةِ لمعالجتِها، إلّا أنّ تلك الاستراتيجيّاتِ لا تقتصرُ على إيجادِ خططٍ معيّنة واختيارِ تقنيّاتٍ محدّدةٍ للمعالجة.

يجبُ أن تنطلقَ الإستراتيجيّةُ إذًا من إيجادِ السُبلِ لوقفِ هذه النزعةِ الاستهلاكيّةِ عبرَ وضعِ نظامٍ ضريبيٍّ مختلف لا يشجّعُ الاستهلاكَ، بالإضافةِ إلى إلزامِ المواطنِ بفرزِ نفاياتِهِ والمساهمة بحلِّ هذه الآفةِ المكلفةِ جدًا... بعدَ أن تضعَ الجهاتِ الرسميّةَ المختصّةَ القوانينَ والخطط المتكاملة لتطبيقِ هذه الإستراتيجيّة. وتأتي بعد ذلك الحلولُ الأخرى والتقنيّاتُ، إذا بقيت حاجةٌ لها...الخ

فأيّةُ خطّةٍ وطنيّة لإدارةِ هذه الأزمةِ تراهن فقط على تقنيّات وشركات ولا تعتبر الفرد شريكًا في تحمّل مسوؤليّة المعالجة، بعد الدّولة، لن يُكتبَ لها النّجاح، خصوصًا اذا تخطَّت كلفةُ الخطّةِ الجديدةِ المقترحةِ المليارَ دولار أميركي لإنشاءِ المعاملِ فقط ،والتي يُفترضُ أن يُضافَ إليها أكثرُ من نصفِ مليار دولار لمعالجةِ المكبّاتِ الحاليّة!

حبيب معلوف - السفير في ١٥ تشرين الأوّل ٢٠١٣ - بتصرّف

أولاً: في الفهم والتحليل (تسع علامات)

1-    وثّقِ النصَّ. (2)

2-    ما المشكلةُ التي يطرحها الكاتب في النصّ، وهل أوجدَ لها حلاً؟ أوضحْ مؤيِّدًا رأيَكَ بشواهدَ من النصّ. (1.5)
3-    وردَ في النصّ: " قيل عنها إنّها "ضريبة التقدّم" وقد تحوّلت إلى عائق حقيقيّ أمامه أيضًا ". ماذا قصدَ الكاتبُ بقوله: " ضريبة التقدّم"، وهل ترى ذلك صحيحًا؟ إشرح مؤيِّدًا بشواهد.(1.5)
4-    هذا النصّ مقالة. حدِّدْ عناصرَها (ضعْ تصميمًا لها). (1.5)
5-    لخِّصْ مراعيًا أسسَ التلخيص، بحدود ٢٥% المقطع " راكم لبنان عددًا كبيرًا... معالجة استثنائيّة".(1)
6-    حرِّكْ أواخرَ الكلمات في المقطع الثّاني " انشغل العالم ... ولا محتملة ".   (1.5)

ثانيًا: في التعبير الكتابيّ                                     )ثماني علامات)

الموضوع: النّفايات مشكلةُ العصر، يعاني منها العالم وبخاصّة لبنان.

تحدّثْ عن هذه المشكلة، مبيِّنًا مدى أضرارِها ومبديًا رأيَكَ حول ما وردَ في المقطعِ الأخير من النصّ.

ثالثًا: في الثقافة الأَدبيَّة العالميَّة                               (ثلاث علامات)

الليلُ حالك، ونومُكَ في سكونِ نفسي ثقيل.

أَفِق يا أَلمَ الحبِّ لأَنِّي لا أَعلمُ كيفَ أَفتحُ البابَ وأَنا واقفٌ أَمامَه.

الساعاتُ خاشعة، والنجومُ ساهدة، والرِّياح ساكنة، والصمتُ ثقيلٌ يرهِقُ نفسي.

أَفِقْ، أَيُّها الحبّ، أَفِقْ! واملأْ كأْسِيَ الفارغة، وتعالَ وعكِّرْ سكينةَ ليلي بنغَمٍ من أَلحانِك.

طاغور – جنى الثمار – 24 –

- حلِّل هذه المقطوعةَ موضِّحًا نظرةَ طاغور إلى الحبّ.