سياسة قسم اللغة العربيّة

الثلاثاء، 28 فبراير 2017

سَلِّمْ شَاربك للناس، تَنداس ( 18 - من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)


سَلِّمْ شَاربك للناس، تَنداس

        يُحكى أنَّ رجلًا كان عندَهُ قردٌ وهرٌّ يعيشان في بيته، وحدث أن القرد قام يتجوَّل في أرجاء البيت، في غياب صاحبه، فحظي بقدرٍ فيه لبن، فكشف غطاءَها والتهم حاجته منها. ورجع إلى حيث كان الهرُّ جالسًا يغسل وجهه بلعابه ويُملِّس شاربيه بكفَّيه، فحيَّاه بحرارة وقال:
      "سُبحانَ الذي خلق الكائنات وجعل الهرَّ أَجمل المخلوقات، وقديمًا قيل: "أَجمل ما عند الهرّ شارباه"، ولو كان لي مثل شاربيك يا أخي "أبو نُعمان"، لأعلَنْتُ نَفسي مَلكًا للوحوش. ويقول أَحد الحكماء: "إذا أَردت أن "تعنقر" شاربيك، فما عليك إلَّا باللبن، تدهن به شفتيك، و"تُمَرمغ" شعرات شاربيك، فتصير مثل السبع، اسم الله عليك-فإذا دخل صاحبُنا الآن ورآك حيَّاك، وبيَّاك وأَكرم مثواك!".
      وخرج القرد وعاد بقليل من اللبن "مَرْمغ" به شفتي الهرّ، وراح وغسل يديه واستراح مطمئنًا إلى عمل يومِهِ، بينما وقف الهرّ أمام المرآة فرأى شاربيه الأبيضين، أجمل ما تراه العين، وحَسُنَ الأمر عنده، فقال: "لا شكّ في حكمة أَخي القرد وإخلاصه، بقليل من اللبن رفع مكانتي وأثبت حصانتي".
      ولم يلبث صاحب البيت أن دخل ورأى ما حَلَّ بقدر اللبن، فالتفت إلى شوارب الهرّ، وصاح: "هذا أَنت يا قليل الشرف"! وتناوله بِرفسة أَلقاه خارج الباب.
      وَيُقال إن الهرّ أبو نعمان، عندما شعر بدنُّو أَجله أَوصى أَولادَه وأَحفادَه أَن لا يأتمنوا الناس، وأَن يصونوا شواربَهم عن أَصدقائِهم وأن لا يأكلوا لبنًا مدى الحياة.

      ولذلك يقول المثل: "سلِّم شاربك للناس، تنداس".

رافِق النَّذل تَنذَلّ (17- من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)


   
رافِق النَّذل تَنذَلّ

     يُحكى أنَّ رَجُلين ترافقا في سفرٍ بعيد، وحينما أقبل الليل لاذا بإحدى الأشجار واتّفقا على أن ينام الواحد منهما ويسهر الآخر، متناوِبَين، حتى إذا شعر الساهر بأي خطر أيقظ رفيقه للمجابهة معًا.
        وإذا بضبع يقترب مهرولًا، فارتعب الرجل الساهر وشمّر ذيله وتسلّق الشجرة بسرعة، دون أن يوقظ رفيقه الذي ما أن أفاق على صوت قرقعة مفاصل الضبع حتى رأى الضبع أمامه، وجهًا لوجه، فارتعدت فرائصه و "قضاها" في ثيابه من الخوف.
        ولما كان "ابو عامر" الضبع لا يأنف من شيء في الدنيا إلاّ من رائحة براز الإنسان، لذلك اكتفى بشمشمة الرجل من تحت إلى فوق ومضى في سبيله.
        فنزل الرجل، حينئذً، من الشجرة وقال لرفيقه: رأيت الضبع يقترب برأسه من أذنك، فماذا قال لك؟
        أجاب الرجل: قال لي الضبع: "رافقْ النذل تنذلّ!".

        فجرى كلام الضبع مجرى الأمثال إلى يومنا هذا.

بين حَانا ومَانا ضَاعت لِحانا (16- من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)


بين حَانا ومَانا ضَاعت لِحانا

يُحكى أنَّ رجلًا تزوّج في أيام شبابه امرأةً اسمها "حانا" ولما صار كهلًا، وجد أنها كبرت، فتزوج امرأةً أخرى صبيّة اسمها "مانا".
       وكانت "مانا" هذه تكره رؤية الشعر الأبيض في لحية زوجها، فتأخذُ بانتزاعه كلما دنا منها، حتى لا يبقَى في لحيته إلّا الشعرُ الأسود فتشعر أن زوجها ما زال شابًّا، في حين كانت "حانا" تغتاظ من رؤية الشعر الأسود في لحية زوجها فتأخذ بانتزاعه كلما وجدتْ إلى ذلك سبيلًا، فتشعر أنَّه صار كهلًا مثلها.
       لذلك لم يمضِ سوى وقت قليل حتى شعرَ الرجلُ بأن لحيتَه توشك أن تصبحَ بدون شعر، فقال:
       "بين حانا ومانا ضاعت لحانا".

       وصارت هذه العبارة قولًا يجري مجرى الأمثال كلما ناسبتْهُ المناسبة.

أهلُ الكرامة لهم علامة (15- من أهلُ الكرامة لهم علامة)


أهلُ الكرامة لهم علامة

       يُحكى أنَّ رجلًا من كبار علماء زمانه مرَّ يومًا ببائع مسابح وتناول مسبحة منها وسأل البائع عن ثمنها.
       قال البائع: "ثمنها ليرة واحدة.. لكنَّها ليست من مقامك يا سيِّدي، فأنت عالم ثمين رفيع القدر... ".
       وتناول البائع، من خزانة وراء ظهره، مسبحة ثمينة وعرضها على العالِم وقال: "هذه المسبحة من مقامك وتليق بشأنك يا سيِّدي".
       فسأله العالِم: "وكم هو ثمنها؟".
       قال: "ثمنها مئة ليرة".
       قال العالِم الكبير: "أرجع هذه المسبحة الثمينة إلى خزانتك، حتى يأتيك رجل رخيص القدر لا يزيد ثمنه عن ليرة واحدة، فيشتريها، ويصير ثمنه مع المسبحة مئة ليرة وليرة. أمَّا أنا، فكما تقول، رجل ثمين ولا حاجة لي إلى زيادة ثمني بمسبحة ثمنها مئة ليرة".

       ولذلك يقول المثل: "أهل الكرامة لهم علامة".

إن صَدق بُو عيد، هالسنةْ ما في عيد (14- من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)



إن صَدق بُو عيد، هالسنةْ ما في عيد

يُحكى أنَّ خوريًّا في إحدى القرى كلّف قندلفت كنيسته أبو عيد أن يحفظ حساب أيام الصوم، من أجل تحديد موعد العيد الكبير، فعدّ أبو عيد خمسين حبّة من الحمّص – بعدد أيام الصوم _ وضعها في جيبه وصار يأخذ منها حبّة واحدة كل مساء، بحيث يكون العيد بعد آخر حبّة.
       وحدث أن لاحظت أم عيد وجود الحمّص في جيب زوجها، فقالت: "لعله يحبّ القرقشة"، وصارت كلّما نقص الحمّص في جيب زوجها تزيد فوقه سرًّا بضع حبّات وقول: خلِّي هالزلمي يقرقش".
       وكان أبونا الخوري، من وقت إلى آخر يسأل أبو عيد، متى يكون العيد، فيراجع أبو عيد عدد حبّات الحمّص التي في جيبه ويجيب: "بعد عشرين يومًا... بعد عشرة أيّام ... بعد خمسة وعشرين يومًا". وذلك حسب عدد حبّات الحمّص الموجودة في جيبه.
       وجاء أخيرًا مَن سأل الخوري: "ومتى يكون العيد يا محترم!".
أجاب المحترم: "إن صدق بوعيد، هالسنة ما في عيد".

وجرى جوابه مثلًا يقال في مناسباته.

إن جنّوا ربعَك، عقلك ما بينفعك (13- من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)


إن جنّوا ربعَك، عقلك ما بينفعك

يُحكى أنَّ وجيهًا قرويًا ارسلَ ابنَه إلى بيروت ليتعلّم في إحدى مدارسها. فانخرطَ الولدُ في إحدى الفرق الموسيقية، وأهملَ دروسَه، ولم يتعلّمْ سوى التزمير بالمزمار.
       وعاد الولدُ أخيرًا إلى قريته ومعه المزمار، وجلسَ في المساء على شرفةِ بيت أبيه، وأخذ يلعبُ على المزمار، فأقبل إليه بعض الفتيانَ معجبين. ثم كثر عددُ الزائرين المحبّذين، فقال أبوه: "تسوكر مستقبل الصبي، يا أم حنّا، الجايين لعنا أكثر من الرايحين، هيك بتكون الوجاهه".
       وأخذت حفلات المزمار تتكرر كل مساء، وتزايد عدد القادمين والمؤيِّدين، فقلقت أفكار بعض وجهاء القرية الآخرين.
-       "بوحنا بَدّو يعمل وجيه على صوت المزمار، لازم نلحق حالنا ونلملم ولادنا، جاب بوحنا مزمار، لازم نحنا نجيب
دربكّة، بكره مامنعود نمون على ولادنا إذا "أخذوا كسرَه" على بيت بوحنا".
       وهبط في اليوم التالي، أحدُ رجال القرية إلى بيروت واشترى دربكة، وبدأ في الحال تصريف الأعمال: "فإذا هبَّ هؤلاء إلى التزمير ردّ عليهم أولئك بالضرب على الدربكَّة – وما بيردّ الرطل إلا رطل ووقية.
       ولم يمضِ سوى قليلٌ من الزمن حتى تشيَّع نصفُ أهل القرية إلى حزب الدربكة، والتحق النصف الآخر بفريق المزمار، وتعطلّت مصالح القرية، لانصراف هؤلاء وأولئك إلى مداومة الدقّ والتزمير وممارسة أعمال الاستفتزاز والتشهير.
رجلٌ واحدٌ في القرية لم ينجرفْ في تيّار الدّق والتزمير.
       بقي الرجلُ على الحياد –كبَّر عقلَه – فحادَ عنه الجميع. نبذه الفريقان، تهجّموا عليه بعنف: "يا معنا يا علينا".
       واعتصم الرجلُ بحياده، ثابرَ على عناده، عاشَ وحيدًا حتى خشي أن يموت مكسور الخاطر.
       وفي ذات صباح شوهد الرجلُ يشدّ طبلًا على تارة غربال عتيق، فسألوه: "شو عدا ما بدا حتى قررت أن تصير طبالًا، في آخر الزمان؟"
       قال: "إن جَنوا ربعك، عقلك ما بينفعك".

       فجرى جوابه مثلًا.

الاثنين، 27 فبراير 2017

مميّزون ومتقدّمون في الإملاء

الأساسيّ الرابع C
في انتظار نتائج الإملاء أمام قسم اللغة العربيّة

مميّزون ومتقدّمون في الإملاء