سَلِّمْ شَاربك للناس، تَنداس
يُحكى أنَّ رجلًا كان عندَهُ قردٌ وهرٌّ يعيشان في بيته،
وحدث أن القرد قام يتجوَّل في أرجاء البيت، في غياب صاحبه، فحظي بقدرٍ فيه لبن،
فكشف غطاءَها والتهم حاجته منها. ورجع إلى حيث كان الهرُّ جالسًا يغسل وجهه بلعابه
ويُملِّس شاربيه بكفَّيه، فحيَّاه بحرارة وقال:
"سُبحانَ الذي خلق
الكائنات وجعل الهرَّ أَجمل المخلوقات، وقديمًا قيل: "أَجمل ما عند الهرّ
شارباه"، ولو كان لي مثل شاربيك يا أخي "أبو نُعمان"، لأعلَنْتُ
نَفسي مَلكًا للوحوش. ويقول أَحد الحكماء: "إذا أَردت أن "تعنقر"
شاربيك، فما عليك إلَّا باللبن، تدهن به شفتيك، و"تُمَرمغ" شعرات
شاربيك، فتصير مثل السبع، اسم الله عليك-فإذا دخل صاحبُنا الآن ورآك حيَّاك،
وبيَّاك وأَكرم مثواك!".
وخرج القرد وعاد بقليل من
اللبن "مَرْمغ" به شفتي الهرّ، وراح وغسل يديه واستراح مطمئنًا إلى عمل
يومِهِ، بينما وقف الهرّ أمام المرآة فرأى شاربيه الأبيضين، أجمل ما تراه العين،
وحَسُنَ الأمر عنده، فقال: "لا شكّ في حكمة أَخي القرد وإخلاصه، بقليل من
اللبن رفع مكانتي وأثبت حصانتي".
ولم يلبث صاحب البيت أن دخل
ورأى ما حَلَّ بقدر اللبن، فالتفت إلى شوارب الهرّ، وصاح: "هذا أَنت يا قليل
الشرف"! وتناوله بِرفسة أَلقاه خارج الباب.
وَيُقال إن الهرّ أبو نعمان،
عندما شعر بدنُّو أَجله أَوصى أَولادَه وأَحفادَه أَن لا يأتمنوا الناس، وأَن
يصونوا شواربَهم عن أَصدقائِهم وأن لا يأكلوا لبنًا مدى الحياة.
ولذلك يقول المثل: "سلِّم
شاربك للناس، تنداس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق