سياسة قسم اللغة العربيّة

الثلاثاء، 23 يناير 2018

الأدب والعلم - نصّ للثانويّ الثالث


الأدب والعلم
     إذا كان العلم يسعى إلى الحقيقة الجامدة، فإنّ الأدب يسعى إلى الجمال الحيويّ. في الحقيقة العلميّة متعة فكريّة، وفي الجمال الأدبيّ متعة شعوريّة. إذًا هل يؤثّر الفكر في الشعور، أو الشعور هو الذي يرقيه؟ ما هي الحدود الفاصلة بين العلم والأدب، إذا كان ثَمّة من حدود؟
     الإنسان كائن متعدّد الأبعاد، والشخصيّة الإنسانيّة كيان مركّب يزداد نموّا بتنمية مختلف العناصر التي يتكوّن منها، وما أكثرها! ولعلّ أبرز ما يُسهم في هذا النموّ ازدياد المعرفة وتنويع مصادره، أأدبيّة كانت أم علميّة. فالأدب تفسير وجدانيّ للحياة، يدرس انعكاس مظاهرها على صفحة النفس، في حين يُعتبر العلم تفسيرًا واقعيًّا لها، يدرس مظاهرها في ذاتها دراسة عقليّة.
     الأدب يعمّق معرفتنا بأنفسنا وبالحياة وبالمجتمع. إنّه في توغّله داخل النفس الإنسانيّة يحاول قدر المستطاع، كشف أهدافها السامية من طموح إلى المجد وتَوق إلى تحقيق الذات، إلى ميل نحو الكسل ودراسة العواطف الإنسانيّة من حبّ وكُره وأنانيّة،... كما يحاول عرض الظواهر الاجتماعيّة لفهمها وتسليط الضوء عليها ابتغاء تغيير الواقع وتحسين نوعيّة الحياة.
     وللأدب تميّزُه تركيبًا وأسلوبًا، إنّه، باختصار، ذاتيّ إنسانيّ تتعدّد أهدافه، أمّا الأسلوب فيه فهو وسيلة وغاية، وسيلة لنقل فكر الأدب وعاطفته وخياله، وغاية تبرّر من خلالها الوظيفة الجماليّة وهو بذلك يوسّع خيالنا ويُشعرنا بمتعة فنّيّة راقية.
     أمّا العلم فحصيلة ما توصّل إليه العلماء في مختلف ميادينه (الجغرافيّة، الرياضيّة، الفيزيائيّة،...) وهو يتطوّر يومًا بعد يوم بهدف جعل الإنسان أكثر قدرة على كشف المجهول واستثماره لزيادة قدرته وتسهيل الحياة.
     وهكذا، يتبيّن لنا أنّ العلم والأدب نشاطان يتكاملان في تعزيز قدرات الإنسان وتمكينه من زيادة معرفته بهدف تحقيق هدفه، ويتعارضان من جهة لغتيهما. وهما سلاح ذو حدّيْن، بالإمكان استخدامهما للقيم الإنسانيّة، وفي ما يعود على البشر بالخير، أو العكس.

     فهل يمكننا اعتبار ما لا يصبّ في خدمة إنسانيّة الإنسان، علمًا كان أم أدبًا، مُنتَجًا إنسانيًّا؟  

هناك تعليق واحد: