جورج خبّاز وطبقات المجتمع
المجتمع هو المجموعة البشريّة التي تعيش في مساحة معيّنة، وتتمتّع بخصائص ثقافيّة واجتماعيّة ودينيّة مشتركة، بحيث يتشارك الناس ما يملكه مجتمعهم، تحت سقف نظام يسمح لأعضائه بالتعبير عن آرائهم.
المجتمع عادةً مقسّم إلى طبقات، غالبًا ما تكون اقتصاديّة: الطبقة الغنيّة التي تمتاز بالغنى وبمستوى ممتاز من التعليم والصحّة والسلطة والثقافة، بالرغم من أنّ في هذه الطبقة أحيانًا سخفاء ارتفعت أقدارهم فصاروا يتلاعبون بأقدار الناس وحظوظهم ويتمتعوّن بنِعم الحياة وليس لهم علم وثقافة وآدب؛ والطبقة المتوسطة ذات المدخول المحدود الذي يمكّن أفرادها من العيش بمستويات معتدلة من التعليم والخدمات الصحيّة والثقافيّة؛ والطبقة العاملة الكادحة التي تكتفي بخبزها كفاة يومها وغالبًا ما تكون ناقمةً على المجتمع الذي بخسها حقّها وحرمها من نِعم الحياة.
ومَن أصدق من ״جورج خباز״ في مسرحيّة ״الأوّل بالصفّ״ للتعبير عن نقمته على الخلل الاجتماعيّ، إذ ارتفع أناس بخفّة عقولهم وتفاهة تفكيرهم وتصرّفاتهم لأنّهم أغنياء، وانخفض أهل العقل الراجح والذمة والاخلاق لأنّهم فقراء؟
فالمسرحية تظهر لنا الموظّف الفقير الذي حرمته الطبيعة وزوجته من طفل يملأ البيت، وكلّ ما يحتاجانه هو عملية جراحيّة ليس معهما من كلفتها شيئًا، وعائلة فاحشة الغنى، يعيش أفرادها كلّ على هواه: الرجل في عمله وجمع الأموال، والمرأة في متابعة آخر صيحات الموضة والصبحيّات واللقاءات النسائيّة، وولدٌ راسبٌ في المدرسة، تهتم به مربيّة محرومة أيضًا من أقلّ مستلزمات الحياة. من هنا، كان الاتفاق بين المربية والموظف الفقير، جورج خباز، على أن ينتحل دور مديرة المدرسة للقاء الأهل وإخبارهم بنجاح ابنهم مقابل مبلغ من المال لإجراء العمليّة الجراحيّة.
هذا هو مجتمعنا الظالم الذي يجبر الإنسان على الغش والتزوير لتحقيق أقلّ قدر من العيش المقبول . فهل يمكن بعد هذا أن نحلم بأن يصطلح المجتمع ويُعطى كلّ ذي حقّ حقّه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق