أحمد هنّاوي - المغرب |
العلمُ
والقوّةُ
1-
حينَ نُطالعُ السَّاحةَ السيَّاسيّةَ اليومَ نجدُ أنّ أغلبَ الدّولِ الّتي تُمارسُ
خطابًا عاليَ النَّبرةِ تعتمد، في الأساس، على قوةٍ ما، غالبًا ما تكونُ تَرْسانةً
عسكريّةً أو نوويّة، تيتنفدُ جانبًا من ميزانيّاتِها.
2-
والتَّامّلُ في هذه الظّاهرة، بعيدًا عن شِقِّها السّياسيّ، يكشفُ عن أنّ القوّةَ
الّتي تستندُ إليها تلكَ الدّول، هي في الحقيقة، ليْسَتْ سوى قوّةِ العلم، فقد
أنفَقَتْ تلك الدّولُ مبالغَ طائلةً على العلوم لتأسيسِ مدارس، ووضعِ مناهجَ
تعليميّةٍ متطوّرة، ثمّ فتحِ جامعاتٍ رفيعةِ المستوى تضمُّ أهمَّ المتخصّصين في
مجالاتِ البحثِ العلميّ، كما أعدَّتْ فِرَقًا مِنَ الأكاديميّين ذوي
القدراتِ العلميّةِ المميَّزة، وفتحَتْ لهم مراكزَ الأبحاثِ الّتي تتوافرُ لها
كلُّ إمكاناتِ التّكنولوجيا في مجالاتِ تخصُّصِهم.
3-
ومِنَ البديهيِّ أنَّ كلَّ تلكَ الإمكاناتِ العلميَّةِ ما كانَ لها أنْ تُحدِثَ
التَّطوّرَ المأمول، وأنْ تُحقِّقَ الأهدافَ الاستراتيجيّةَ للدّولِ
من دونِ توفيرِ المُناخِ الثَّقَافيِّ القادرِ على التّفاعلِ مَعَ العلومِ منْ
خلالِ توفيرِ المجالّاتٍ علميّةٍ تَسْتَقطبُ الشّباب، وأُخرى تُوَّفِّرُ العلومَ
للقرّاءِ من كلِّ الميولِ والاتّجاهات، بالإضافةِ إلى البرامجِ العلميّةِ
المتخصّصةِ والجذّابةِ في الإعلامِ المرئيّ.
4-
وفي مثل هذه البيئة من السّهل أن تظهر يوميًا رموز من رجال العلوم الّذين يحقّقون
انتصارات جديدة للاكتشافات العلميّة، ما يجعل من أولئك الرّجال نماذج ملهمة
للكثير من الشّباب الّذين يَرَوْن في العلوم المستقبل الواعد.
5-
أمّا النّاتجُ النّهائي من هذا المُناخِ العامِّ فهو العديدُ
منَ المُنْجَزاتِ العلميّةِ الّتي تدخلُ كلَّ مناحي الحياة، يومًا بعدَ يوم، منَ
الفضاءِ والفَلَكِ إلى صناعةِ السّيّارات، ومِنَ الآلاتِ الميكاميكيّةِ إلى مصادرِ
الطّاقة، مرورًا بتِقْنيّاتِ البناء، وصولًا لإلى صناعةِ السّلاح وتِقْنياتِ
التّكنواوجيا النّوويّة.
6-
هكذا وبفضلِ العلمِ تمتلكُ مثلُ تلك الدّولِ جانبًا أساسيًّا مِن
إمكانيّةِ توفيرِ وسائلِ الرّدعِ والقوّةِ الّتي تفرضُ بها قوّتَها على الدّفاعِ
عن نفسِها من جهة، فيما توفِّرُ في الوقتِ نفسِه كلَّ وسائلِ الرّفاهيةِ
والتّقدّمِ والحياةِ الكريمةِ الّتي ينبغي للدّولةِ أن توفّرَها لِمَواطنيها من
جهةٍ أخرى.
7- بهذا
تُقدّمُ الدّولُ ذاتُ التّوجّهاتِ العلميّةِ درسًا مُهمًّا في أنَّ القوَّةَ
الحقيقيّةَ لَيْسَتْ في الخُطَبِ الرَنَّانة، ولا في استعراضاتِ
القوّةِ البلاغيّةِ المجّانيّة، وإنّما تتمثّلُ في إرادةِ المجتمعاتِ تحقيقَ قوّةِ
السّلاحِ العسكريِّ نفسِها لِتأْكيدِ أهميّةِ ترشيدِ السّلاحِ النّوويِّ وغيرهِ؛
بحيثُ يظلُّ قوّةَ ردعٍ لا يمكنُ استخدامُها إلّا وفقَ الضّرورة، وهذا هو معنى
قوّةُ العلم.
أحمد
هنّاوي – مجلّة "العربيّ"، العدد 52، سبتمبر
2009 (بتصرّف)
في القراءة
والتّحليل
1- اشْرَحْ
معانيَ التّعابيرِ الآتيةِ بِحَسَبِ ورودِها في السّياق:
تَرْسانة
عسكريّة – الأهداف الاستراتيجيّة – نماذج مُلْهِمة – الخُطَب الرنّانة.
2-
استَخْلِصِ المسألةَ الّتي يَطرَحُها الكاتبُ في الفِقْرتَيْنِ الأولى والثّانيةِ
مِنَ النّصّ، ثُمَّ سوِّغ علاقتَها بالعنوان.
3- أوردَ
الكاتبُ في الفِقْرةِ الثّالثةِ شرطًا لتحقيقِ التّطّورِ العلميِّ المأمول.
حدّدْه، ثُمَّ بيّنِ اثنَتَيْنِ منْ ركائزِه.
4- وضِّحْ،
في سياقِ النّصّ، وظيفةَ كلٍّ مِنْ أدواتِ الرّبطِ المشارِ إليها بخطّ. (قد –كما-أمّا-هكذا)
5- اضْبِطْ
بالشّكلِ أواخرَ الكلماتِ في الِفقْرةِ الرّابعةِ منَ النّصّ. (لا يُعدُّ الضّميرُ
آخرَ الكلمة).
6_ لخِّصِ
الفِقْرَتَيْنِ الخامسةَ والسّادسةَ في رُبْعِهما، مراعيًا أصولَ التّلخيص.
7- رأى
الكاتبُ في الفِقْرَةِ الأخيرةِ وُجوبَ "ترشبدِ السّلاحِ النّوويّ".
اشْرَحِ المقصودَ بذلك، مبديًا رأيك.
8- في
النّصِّ نَزْعةٌ علميَّة، أكِّدْ ذلك بأرْبَعِ سماتٍ بارزةٍ فيه ومعزّزةٍ
بالشّواهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق