سياسة قسم اللغة العربيّة

الأحد، 3 ديسمبر 2017

حديقة يارا (نصّ)


حديقة يارا
      "يارا" فتاةٌ في العاشرةِ من عمرها. وهي مديدةُ القامة، نحيفةُ الجسمِ، شعرُها أشقر طويلٌ كالحبالِ المُدَلاّة، عيناها خضراوانِ واسعتان. ولم يكن في المملكةِ كلِّها فتاةٌ جميلةٌ مثلها.
      كانت "يارا" تمتازُ عن رفيقاتها الصّغيراتِ بعدمِ اكتراثها بالدّمى الّتي كان والدها يُقدَّمها إليها كلّ يومٍ، ذلك أنّ هِوايتها الوَحيدةَ كانت الزّهور. فقد كانت تقضي مُعظَمَ أوقاتِ فراغِها في حديقة القصر الواسعةِ الفسيحةِ بين الأزهارِ المُختلفةِ الألوانِ والأنواع. كانت تَعتَني بها اعتِناءً فائقًا. فلا تسمح لأحدٍ بأن يَلمِسَها بأناملِهِ أو يعتَدي عليها. وكانت تَخُصُّ الزّهورَ الذّابلةَ بعنايةٍ فائقةٍ حتّى تَستَعيدََ حيويّتَها ونضارَتها. هكذا انحصَرَ همُّها في الإهتمام بالزّهور حتّى إذا ما افتقدتَها لحظةً وجدتَها غارِقةً بينها، تَسقي هذه أو تُسمّدُ تلك. ولمّا لاحظَ والدُها مدى تعلُّقِها بالزّهور، أمرَ بعضَ رِجالهِ بمُساعدَتِها على حماية الحديقةِ والاعتناء بها. وكان هؤلاءِ يَتَلقّون الأوامرَ منها ويُنفّذون تعاليمَها الزّراعيّةَ بحذافيرها. والويلُ لِمَن يتكاسل. فهي مُثابِرةٌ على عمَلها ومُجتَهدةٌ، وتعملُ بِصمْتٍ وتأنٍّ.  

         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق