الثلج في بيروت - 1963 |
ألثّلجُ
في المَدينَةِ
إنَّها عَشِيَّةُ العيدِ. كانَ البردُ
قارِسًا تِلكَ اللَّيلَةَ، والرّيحُ تَصفُرُ في الخارِجِ، فلم يسمَح لنا والدي
بِالخُروجِ مِنَ البيتِ.
تقدّمتُ مِنَ النّافِذَةِ ونَظَرتُ إلى
الشّارِعِ، فرأيتُهُ لابِسًا أَجْمَلَ حُلَّةٍ. على جانِبٍ مِنهُ شُكَّتِ
الشُّجَيراتُ الخُضرُ المُزَيَّنَةُ، وعلى الجانِبِ الآخَرِ رُفِعَتِ الرّاياتُ
والزِّينَةُ. وكانت واجِهاتُ المحالِّ تُشِعُّ بِألفِ لَونٍ ولَونٍ، وقد عَرَضَ
فيها أصحابُها أجوَدَ البَضائِعِ، وزَيَّنوها بالمصابيحِ الكَهرَبائيّةِ
والرُّسوم.
بَكَّرنا في النّومِ، وعِندما نَهَضنا في
صَباحِ اليومِ التّالي، رَكَضْتُ إلى النّافِذةِ، ومَسَحتُ الغَشاوةَ عنِ
الزُّجاجِ بِيَدي، وَنَظَرتُ إلى الخارِجِ فاندَهَشتُ. كانَ البياضُ يكسو الأَرضَ
ويُغطّي السُّطوحَ، والثَّلجُ مُلتَصِقًا بِأَغصانِ الشَّجَر.
أمّا النّاسُ الّذينَ يَجتازونَ الشّارِعَ
فكانوا يَلبَسونَ المَعاطِفَ السّميكَةَ، ويعتمِرونَ القُبّعاتِ الصّوفيّةَ،
ويترُكونَ وراءَهُم آثارَ أقدامِهِم على الثّلجِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق