عصفور
الحرّيّة
ألرّاديو في الدّارِ يُذيعُ أناشيدَ وأغانيَ
وطنيّة. أبي يستَمعُ إليه ويقرأُ الجريدةَ. إقتربتُ مِنهُ وسأَلتُه: "لماذا،
يا أبي، يهتَمُّ الناسُ بعيدِ الإستِقلال؟"
تركَ أبي الجريدةَ، وراحَ يُداعِبُ شَعري
وهوَ يقولُ: "سأُخبرُكَ الحِكايةَ التّاليةَ: كانت فتاةٌ اسمُها هالةُ،
تتنزّهُ في البرّيّةِ رآها عصفورٌ صغيرٌ فأحبَّها، وراحَ يُغنّي لها. أُعجِبتْ بصَوتِه الجميل، فتصادقا. ثمّ أخذَ يزورُها كلَّ يومٍ، فتَنثُرُ لهُ الحَبَّ،
فيأكُلُهُ ويُغنّي لها، ثُمّ يَعودُ إلى البرّيّة.
وذات يومٍ، أمسَكَتهُ ووضَعَتهُ في قفَصٍ،
وَقالت لهُ: "إنَّني أحبَبتُكَ كَثيرًا، لذلك سأُقَدّمُ لكَ كُلَّ ما تحتاجُ
إليهِ من طَعامٍ وماءٍ وأجعَلُ حياتَكَ ملأى بالسّعادة". قالَ العصفورُ
باكِياً: "لا أُريدُ حُبَّكِ الّذي يحرِمُني من حرّيّتي". لكِنّ هالةَ لم
تهتمّ لِرأيِه.
بعدَ أيّامٍ، لاحَظت هالةُ أنّ العصفورَ
كفَّ عن الغِناء وأمسى هَزيلَ الجسمِ حَزينًا. سأَلتْهُ عن حالِهِ فقالَ لها إنّهُ
مَريض.
قالت لهُ: "سآخُذُكَ إلى
الطّبيب". فأجابَها: "أنا أعرِفُ الدّواء". قالت لهُ: "وما
هذا الدّواء؟" فقالَ: "إفتحي لي بابَ القفَص أُخبِرْكِ ما هُوَ
الدّواء".
وما إن فتحَت هالةُ باب القَفصِ حتّى طارَ
العُصفورُ وهُو يَقولُ لها: "وَحدَها الحُرّيّةُ تُعيدُ لي قُوّتي
وفَرَحي". نظرت هالةُ إلى العُصفور الّذي كانَ يَطيرُ سَعيدًا مُغَرّدًا،
وَعرفت أنّ الّذي يُحبُّ العُصفورَ لا يَسجُنُهُ في قفص.
وانتَهَتِ الحِكايةُ فأكمَلَ أبي: "هذا
هُوَ الاستقلال. فالعصفور الصَّغير لم يُحبَّ عيشَةَ القفصِ، لأنّه حَرمهُ
حُرّيّتَهُ، وَعندما انفَلتَ من حَبسه الصّغير وصارَ حُرًّا، راحَ يَطيرُ في
الفضاء ويُغرّدُ. فالقفص هُو الاحتلال والحُرّيّة هي الاستقلال".
غداً، عندما أكبَر، سأكونُ حُرًّا مِثلَ العُصفور، أُحافظُ على استِقلالِ وَطني وأنشُرُ حولي المحبّةَ والسّلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق