جدّتي
جدّتي لأبي في العَقد السَّابع من عمرِها.
قصيرَةُ القامَةِ، ضَخمةُ الجثَّةِ، محدودبَةُ الظَّهرِ، وجهها صَغيرٌ، كثيرُ
الأخاديدِ، وقد خَربَشَ الزَّمنُ حَولَ أَنفِها الأفطسِ خطوطًا مُزرقَّةً كأنَّها
الزِّنجار. ومعَ ذلك، فهيَ نشيطةٌ تؤدّي كثيرًا منَ الخِدْماتِ لِوالدَتي: مِن
طَبخٍ وكَنسٍ، ودجاجاتٍ تُطعِمُها... أمَّا في السَّهراتِ، فهيَ لا تُفارِقُ
السّجّادَةَ.
تَخيطُ الثّيابَ أحيانًا، وتُمسِكُ السُّبَّحَةَ
بيدِها أحيانًا، وشفتاها لا تكفَّانِ عن الحرَكةِ والتّمتَمةِ، بما لا أعرِفُ منَ
الأَدعِيَةِ والصَّلوات.
وما أكثَرَ وأَطوَلَ ما كُنْتُ أَقْعُد أمامَها،
محدِّقًا في هاتَيْنِ الشَّفتينِ الدّائبتتنِ، فَتُدْنِينِي منها، وتَميلُ على
وَجْهي الصَّغيرِ بِفَمِها وتُقبِّلُني.
أُحِبُّ جَدَّتي كثيرًا، وأتمنّى على اللّه أَنْ
يُطيلَ عُمرَها.
إبراهيم المازني
اجوابه عن النص
ردحذف