ميخائيل نعيمة |
الشُخروب
يَقَعُ الشُخروبُ عَلى بُعْدِ خَمْسَةِ
كيلومِتراتٍ مِنْ بَسْكِنْتا وَيَرْتَفِعُ عَنْها ثَلاثَمِئَةِ مِتْرٍ. تَكْثُرُ
في الشُخروبِ الصُخورُ مِنْ شَتّى الأحجامِ وَالأشْكالِ، وَكُلُّها رَماديُّ
اللونِ، مِنْها المُنْتَصِبُ كَالمارِدِ بِقامَةٍ يَبْلُغُ ارْتِفاعُها مِئَةَ
قَدَمٍ وَأكْثَرَ.
وَمِثْلَما تَكْثُرُ الصُخورُ في الشُخروبِ
تَكْثُرُ الأشجارُ البَرِّيَّةُ كَذَلِكَ، كالبلّوطِ وَالسِنْدِيانِ وَغَيْرِها،
وَتَكْثُرُ مَعَ الأشْجارِ الأشْواكُ وَالأعْشابُ مِنْ شَتّى الأنواعِ. وَهذِهِ
تُزْهِرُ في الربيعِ، وَلِكُلٍّ مِنْها لَوْنُهُ الخاصُّ وَشَذاهُ الذي
يَتَفَرَّدُ بِهِ.
ماذا يُجْديكَ قَوْلي إنَّ الشُخروبَ
بُقْعَةٌ صَغيرَةٌ في سَفْحِ صِنّينَ تَكْثُرُ فيها الصُخورُ وَالأشجارُ
وَالأشْواكُ وَالعَصافيرُ، وَأنْتَ لَمْ تُعاشِرْ، مِثْلَما عاشَرْتُ، تِلْكَ
الصُخورَ وَالأشجارَ وَالأشْواكَ وَالعصافيرَ؟ وَلا عَرَفْتَ، مِثْلَما عَرَفْتُ،
أنّها تَزْخَرُ جَميعُها بِالحَياةِ وَالحَرَكَةِ لَيْلَ نَهار؟ وَلا أنْتَ
تَفَيَّأْتَ شَجَرَةً مِنْ شَجَراتِ الشُخروبِ وَسَكِرْتَ بِما يَدورُ مِنْ
وَشْوْشاتٍ ما بَيْنَ أوْراقِها وَالنَسيمِ.
وَأخيرًا ماذا يُجْديكَ قَوْلي إنَّ صِنّينَ يَبْدو كَما
لَوْ كانَ عَلى مَرْمى حَجَرٍ مِنَ الشُخروب؟ فَلا عَيْناكَ تَشَبَّعتا مِثْلَ
عَيْنَيَّ بمَناظِر مُنْحَدَراته، وبرَقْصَة الأنْوار والظِلال العَجيبَة عَلى
جَبْهَته، وبجَلال النُسور تُحَلِّقُ في أجْوائِهِ. وَلا أنْتَ أصْغَيْتَ،
مِثْلَما أصْغَيْتُ، إلى زَمْجَرَةِ أعاصيرِهِ وَأصْواتِ نَسَماتِهِ. وَلا
جَلَسْتَ، مِثْلَما جَلَسْتُ، عَلى الثَلْجِ في أعاليهِ وَالشَمْسُ مِنْ فَوْقِكَ
تَكادُ تَشْويكَ شَيًّا. وَلا وَقَفْتَ عَلى قِمَّتِهِ وَشَعَرْتَ كَأنَّكَ واقِفٌ
عَلى قِمَّةِ الدُنيا.
فَالشُخروبُ
كانَ، وَما بَرِحَ، "الجُرْدَ" الذي إلَيْهِ نَلْجَأُ في الصَيْفِ
لِنَسْتَغِلَّ مِنْ تُرابِهِ وَمائِهِ وَهَوائِهِ ما اسْتَطَعْنا مِنَ العافِيَةِ
وَضَرورِيّاتِ العَيْشِ.
ميخائيل نعيمة
(سبعون – الجزء الأوّل) – بتصرّف
شرح بعض المفردات:
شتّى: مختلف – تزخر: تمتلئ – يُجْديكَ: يَنفَعُكَ، يُغنيكَ.
في
الفهم والتحليل:
علامة
على الخطّ والترتيب.
1- أدرُسْ
حاشيةَ النصِّ، مُحدّدًا وظيفتها. (3)
2- ما
النمطُ الذي ينتمي إلَيْهِ النصُّ؟ علِّلْ إجابَتَكَ بثلاثَةِ مؤشّراتٍ
مُدَعَّمَةً بشواهِدَ نّصِّيَّةٍ. (5)
3-
إسْتَخْرِجْ تَشبيهًا مِنَ الفِقْرَةِ الأولى وَحَدِّدْ أركانَهُ وَوَظيفتَهُ. (4)
4- كَيْفَ تَبدو علاقَةُ الكاتِبِ بِالشُخروبِ؟ إدْعَمْ
جَوابَكَ بِشِواهِدَ مِنَ النصِّ. (4)
5- أُضْبُطْ
أواخِرَ الكَلِماتِ في الفِقْرَة التالِيَةِ: (3)
فَلا
عَيْناكَ تَشَبَّعتا مِثْلَ عَيْنَيَّ بمَناظِر مُنْحَدَراته، وبرَقْصَة الأنْوار
والظِلال العَجيبَة عَلى جَبْهَته، وبجَلال النُسور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق