سياسة قسم اللغة العربيّة

الاثنين، 30 يناير 2017

الجمال (2- من كتاب دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران)


الجمال
إنّ الجمال دين الحكماء (شاعر هندي)

       يا أيّها الّذين حاروا في سبيل الأديان المتشعّبة وهاموا في أودية الاعتقادات المتباينة فرأوا حرّيّة الجحود أوفى من قيود التسليم، ومسارح النكران أسلم من معاقل الاتّباع، اتّخذوا الجمال دينًا واتّقوه ربًّا، فهو الظاهر في كمال المخلوقات البادي في نتائج المعقولات. أنبذوا الألى مثّلوا التديّن لهوًا وألفوا بين طمعهم بالمال وشغفهم بحسن المال وآمنوا بألوهية جمال كان بدء استحسانكم الحياة ومنبع محبتكم السعادة ثمّ توبوا إليه فهو المقرّب قلوبكم من عرش المرأة مرآة شعائركم والمدرّب أنفسكم في مجال الطبيعة موطن حياتكم.
       ويا أيّها الذين ضاعوا في ليل التقوّلات وغرقوا في لجج الأوهام، إنّ في الجمال حقيقة نافية الريب، مانعة الشك، ونورًا باهرًا يقيكم ظلمة البُطل. تأمّلوا يقظة الربيع ومجيء الصبح، إنّ الجمال نصيب المتأمّلين.
       اصغوا لأنغام الطيور، وحفيف الأغصان، وخرير الجدول، إنّ الجمال قسمة السامعين. انظروا وداعة الطفل، وظرف الشاب، وقوّة الكهل، وحكمة الشيخ، إنّ الجمال فتنة لناظريه.
       تشبّبوا بنرجس العيون، وورد الخدود، وشقيق الفهم، إنّ الجمال يتمجّد بالمتشبّبين. سبّحوا لغصن القدّ، وليل الشعر، وعاج العنق، إنّ الجمالُ يُسرُّ بالمسبحين. كرّسوا الجسد هيكلاً للحسن وقدّسوا القلب مذبحًا للحبّ، إنّ الجمال يجازي المتعبّدين.

       تهلّلوا يا أيّها الذين أُنزلت عليهم آيات الجمال وافرحوا إذ لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق