سياسة قسم اللغة العربيّة

الجمعة، 11 مارس 2016

امتحان - الثانويّ الثاني - اجتماع واقتصاد (في يقيننا..)


1-           في يقينِنا أَنَّ البشرَ يختلفون رؤًى، ويتباينون اجتهادًا، ويتعدَّدون أَفكارًا، تحكُمُهم في رؤَاهُم تقاليدُ أَلِفوها، وتسيطرُ عليهم في اجتهاداتِهم أَعرافٌ وَرِثوها، وتؤَثِّرُ في أَفكارِهم معاييرُ وضَعَتْها أَجيالٌ سبقَتْهم، فأَضحَوا مقيَّدين بأَغلالِها، مأْسورين في سجنِها، مُرتَهَنين وراءَ قُضبانِها.

2-           وفي حركةِ تاريخِ البشريَّةِ تبرزُ من بين رُكامِ تقديسِ الموروثاتِ فئَةٌ تحاولُ كسرَ طوق ِ الأَعراف، وتحطيمَ سُورِ الموروث، وإِلغاءَ قيدِ المأْلوف. هذه الفئَةُ هي فئةُ المبدعينَ الموصوفينَ بالعبقريَّةِ والتأَلُّق. لكنَّ هذه الفئة، في سعيِها إلى التجديدِ والحداثة، تتصادمُ مع أَساطينِ التقليد، وكهنةِ تقديسِ الموروث، وأَحبارِ العُرْفِ السائد، ليتمخَّضَ عن ذلك التصادمِ صراعٌ فكريٌّ بين التقليدِ والتجديد، قد يذهبُ المبدِعُ شهيدًا فيه أَمامَ جحافلِ الانغلاقِ وجيوشِ العصبيَّة. ومع هذا كلِّه، فإِنَّ عقاربَ الزمنِ لا يمكنُ أَن تعودَ إلى الوراء. فَبَعْدَ انجلاءِ غبارِ المعارك، ترتفعُ راياتُ الإِبداعِ خفَّاقةً في سماءِ تاريخِ البشريَّة، تنشرُ الخيرَ للإِنسان، وتنثرُ عَبَقَ الحياةِ في المجتمع.

3-           ولئِن كان الصراعُ بين الإِبداعِ والانغلاقِ واضحًا في العلومِ الإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّة، فإِنَّه، في مقابلِ ذلك، ليس حَكْرًا على هذه الحقول، وليس مُنحصرًا في هذه المجالات. فحقولُ العلومِ الطبيعيَّةِ والحياتيَّةِ لم تَخْلُ من مثلِ هذا الصِراع، وإِنْ كانت حِدَّتُها أَقلَّ ومداها أَقْصَر. فهذه العلومُ بطبيعتِها تستندُ إلى الوقائعِ المحسوسة، وترتكزُ على الاحتكامِ إلى العقل. وهي أُمورٌ يمكنُ حسمُ اختلافاتِ الرؤى فيها بِيُسْرٍ، مقارَنةً بما يحدثُ في العلومِ الإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّة. إِنَّ تاريخَ العلومِ شهِدَ، عَبْر الزمن، صراعاتٍ متعدِّدةً بين التجديدِ والتقليدِ في العلومِ الطبيعيَّةِ والحياتيَّة، وشهِدَ تمدُّدَ الإبداعِ في عصورِ النورِ على مِساحةِ حضاراتِ الدنيا كلِّها، كما شهِدَ انحسارَ موجةِ المبدِعينَ في عهودِ الظلامِ وعصورِ الاستبداد. فالنفسُ البشريَّةُ بطبيعتِها تأْلَفُ الموروث، وبسجيَّتِها تقدِّسُ العُرْف، وفي خصوصيَّتِها تركُن إلى التقليد. ومن هذا المُنطلَق، يمثِّلُ المبدعُ، حتَّى في العلومِ المادِّيَّة، تهديدًا لاستقرارِ النفس، وخطرًا على سكونِ الوِجدان، وثورةً على سكينةِ العقل، وتسفيهًا لآراءِ السَلَف. ولعلَّ في محاكمةِ "غاليلي" أَنصعَ دليلٍ على الصراعِ بين قِيَمِ التقليدِ من جهة، وتوجُّهاتِ العقلِ والإِدراكِ الحسِّيِّ من جهةٍ أُخرى.

4-           فالقرنُ الذي ودَّعناهُ شهِدَ طفرةً في قلبِ المفاهيم ِالرئيسةِ في الكيمياءِ والفيزياءِ وعلومِ الحياةِ والأَرض، كان من نتائجِه هذا التوسُّعُ الهائلُ في الثقافات، وهذا التفجُّرُ المعرفِيُّ الكبيرُ في جميعِ مجالاتِ الحياة. فالثوراتُ العلميَّةُ الكُبرى في ذلك القرن، لم تقِفْ حدودُ تأْثيرِها عند منعطفِ العلومِ المادِّيَّة، بل تعدَّتْها لتشملَ شتَّى مجالاتِ الحياةِ، ومنها العلومُ الإِنسانيَّةُ والاجتماعيَّةُ والاقتصاديَّة. نشيرُ، مثلاً، إلى أَنَّ تبدُّلَ مفاهيمِ القياسِ والزمنِ في الفيزياء، كان الشرارةَ الأُولى في تجديدِ الفلسفاتِ الشكِّيَّة، وإِحياءِ مبادئِ الارتيابِ والنسبيَّةِ في العلومِ الإنسانيَّةِ والاجتماعيَّة. ونشير أَيضا إلى التفجُّر المعرفيّ في العلوم الكونيَّة وما تبعه من قياسات دقيقة للأَشعَّة الكونيَّة، ووضع إِطار عامّ لنظريَّة الانفجار العظيم، توصيفا لكيفيَّة خلْق هذا الكون المادِّيّ، وكيفيَّة نهايته. كلّ ذلك، أَدَّى إلى فهم أَعمق للسُنَن الكونيَّة في عالمِنا المادِّيّ، وإلى تأَمُّل إِيمانيّ أَعمق في غور هذا الكون الفسيح.
د. مصطفى معرفِيّ
         مجلَّة "عالم الفكر" – العدد الثاني – 2000 (بتصرُّف)
أولاً: في الفهم والتحليل (عشرون علامة)
1- وثّقِ النصَّ. (علامتان)
2- يهيمنُ على الفِقرةِ الثانيةِ حقلانِ معجميَّانِ متعارضان. عيِّنْهما واذكُرْ أَبرزَ عناصرِ كلٍّ منهما،
وبيِّنْ علاقتَهما بمضمون الفِقرة الأُولى، مقترحًا عنوانًا مناسبًا للنصِّ.(أربع علامات)
3- استخلِصْ من الفِقرة الثانيةِ صورةً بيانيَّةً ومحسِّنةً بديعيَّةً ووضِّحْهما مبيِّنًا قيمةَ كلٍّ منهما. (أربع علامات)
4- ما النوعُ الأدبيُّ الذي ينتمي إليه النصّ؟ برّرْ إجابتَكَ وَادعمْها بشواهدَ منَ النصِّ. (أربع علامات)
5- حدّدْ وظيفةَ الكلامِ في المقطعِ الثالثِ منَ النصِّ.                                   (علامة واحدة)
6- أَشار الكاتبُ في الفِقرةِ الرابعةِ إلى تأْثيرٍ واسعٍ للعلومِ المادِّيَّةِ في المسائلِ الإنسانيَّةِ والروحيَّة.
اذكُرْ ثلاثةً من مظاهرِ هذا التأْثير.  (ثلاث علامات)
7- اضبطْ بالشكلِ المناسبِ أَواخرَ الكلماتِ في الفِقرةِ الأَخيرةِ ابتداءً من "ونشير أَيضا" إلى "الكون الفسيح". 
(لا يُعْتَبَرُ الضميرُ آخرَ الكلمة) (علامتان)


ثانيًا: في التعبير الكتابيّ )عشرون علامة)
يمثِّلُ المبدعُ أَحيانًا، حتَّى في العلومِ البحتة من رياضيَّاتٍ وفيزياءٍ وكيمياءٍ وبيولوجيا، ثورةً على الأوضاعِ القائمة، وتجاوزًا لآراءِ الأَجيالِ السابقة.
توسَّعْ في شرحِ هذا الكلام مستعينًا بأَمثلةٍ من واقع الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق