سياسة قسم اللغة العربيّة

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

كلمة رئيس المدرسة الأب كبريال تابت في مناسبة عيد الاستقلال 2014


رئيس مدرسة الحكمة هاي سكول الأب كبريال تابت
يلقي كلمته في مناسبة عيد العَلم
عائلة الحكمة، إدارة ومعلّمين وتلامذة، في باحة المدرسة
     
       إخوتي الكهنة
       أفرادَ الهيئتين الإداريّة والتعليميّة
       أعزّائي التلامذة         

       جرت العادة في مثل هذه المناسبة، أن يتوجّه رئيس المدرسة بكلمة يستعيد فيها معاني العلَم، أو ليذكّر جمهور الحاضرين بحكاية الاستقلال. لكنّي اليوم لن أفعل ذلك، بل سأطرح عليكم مجموعة أفكار نعمل على بلورتها وتنفيذها، لأنّنا نجد فيها ما يساهم في ترسيخ حسّ المواطَنة.
       أتوجّه أوّلًا إلى حضرات أفراد الهيئتين الإداريّة والتربويّة:
       أيّها المؤتمَنون على التربية أذكّركم أمام تلامذتكم بأنّ حبّ الوطن مسؤوليّة كلّ فرد منّا، وبأنّنا حين نؤدّي عملنا بضمير ومعرفة ومحبّة، أيًّا يكن نوع هذا العمل وموقعه، نشكّل نماذج حيّة يقتدي بها التلامذة ويمشون على آثارها. وإنّي إذ أشكركم على جهودكم وإنجازاتكم، أدعوكم لتبقوا أعلامًا في العِلم والانضباط والعطاء أمام من وُضعوا أمانة في ضمائركم، وبغير ذلك يبقى كلّ عِلْم ناقصًا وكلّ مَطلب من مطالبكم، ولو محقّة، مِسمارًا في نعش التربية.
       أتوجّه ثانيًا إلى التلامذة في الصفوف الثانويّة:
       أيّها الواقفون على عتبة التخرّج وعيونكم نحو المستقبل، أردنا، بدءًا من هذه السنة، أن نبدأ تقليدًا جديدًا فنزرع الحياة التي تمضونها في هذه المدرسة أشجار أرزٍ في حديقة تحمل اسم الحكمة. والأرزة التي نباركها اليوم على اسم دُفعة العام الدراسيّ 2014/2015، سنزرعها آخر السنة في احتفالات التخرّج، لعلّ أغصانها تظلّلكم ما دمتم في حِماه، وجذورها تدعوكم إلى أرض الوطن كلّما غرّبتكم الأيّام.
       وأتوجّه ثالثًا إلى تلامذة الصفوف المتوسّطة:
       أيّها التلامذة المغيَّبون عن تاريخ الوطن وجغرافيّته، لأسباب سياسيّة وأمنيّة، أرغب في إعلامكم بأنّني سأعمل على مشروع لتعديل المنهج بشكل يجعلكم تدرسون تاريخ بلادكم بمنطق ووعي، وتتعرّفون على طبيعته وأرضه بأساليب ممتعة، وكلّ ذلك بمعزل عن الحفظ غيبًا أو التكرار المملّ. فلا يمكن أن يُحبّ أحدكم بلدًا لا يعرف وجهه الحضاريّ، أو يتعلّق بأرض لا تعنيه أنهارها وجبالها وسهولها. لذلك سنحاول أن نجعل دروس التربية والتاريخ والجغرافيا رحلة ممتعة توصلكم، عِلميًّا إلى الشهادة والنجاح، ووطنيًّا إلى إتمام المصالحة مع لبنان.
       يا معلّمي الحكمة وتلامذتها!
       هنا، على هذه التلّة التي كانت شاهدة على أربعين عامًا من الحرب اللبنانيّة/ هنا، حيث لجأ منذ مئة عام رهبان نزحوا من بيت مري التي احتلّ أحد أديرتِها جمال باشا السفّاح/ هنا، ترتفع مدرستكم التي يقصدها طالبو العِلم من جِنسيّات مختلفة. وهناك، على مسافة نظرة لا أكثر، سجن يقيم فيه ضحايا الجهل والتعصّب والفقر وانحراف النفس البشريّة عن وجه الله. العَلمُ اللبنانيّ واحد، هذا الذي يرفرف هنا وذاك الذي يرتفع هناك، لكنْ علينا كلبنانيّين أن نختار: هل نريد للبنان أن يكون سجنًا كبيرًا للجهل والطائفيّة والفقر، أم مدرسة كبيرة تنشر الحريّة والعدالة والإيمان؟
       من الواضح أنّ وقوفنا هنا اليوم تأكيدٌ على صورة لبنان الذي نريده: تعدّد حضاريّ غنيّ، وعِلْم في خدمة الإنسان، ولغات تنطق بالحقّ والخير والجمال، وطوائف تطوف حول محجّة العقل، وجمال وأناقة ورقيّ...
       هي صورة لبنان التي أراها فيكم الآن.
       عشتم، عاشت الحكمة، عاش لبنان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق