أيّها المعلّمون والتلامذة الأعزّاء
أيّها
الضيوف الكرام
منذ مئة عامٍ انتهت أولى
الحروبِ العالميّة، وكان الحُلم بمجتمع تسودُه العدالة، لكنّ الحُلمَ لم
يتحقّقْ.
ومنذ خمسةٍ وسبعين عامًا نالَ
لبنانُ استقلالَه، وكان عيدُ العَلم بدايةَ حُلمٍ ببناء دولةِ القوانين، لكنّ
الحُلمَ لم يتحقّقْ بعد.
ومنذ خمسةٍ وعشرين عامًا
تأسّستْ مدرسةُ الحكمة هاي سكول، وكان الحُلمُ ببناءِ مؤسّسةٍ رائدة، فتحقّقَ
الحلم. وكيف لا يتحقّقُ وشعارُنا "سيفُنا القلم"؟
هذه المحطّات الثلاث في
تاريخٍ يكتبُه المنتصرون تدعونا إلى التأمّل في معنى النصر، والتعلُّمِ من تجاربِ
الفشل، وما نريدُه لكم أيّها التلامذة هو أن تسجّلوا انتصاراتِكم بحبر القلم لتدخلوا
التاريخَ رسلَ عِلم، وأعلامَ فكر، وأبطالًا تدافعون عن كرامة الإنسان.
ولأنّ القلمَ لا يكتبُ بحريّة
إلّا في حماية سيوف الحقّ، أحببنا أن نزيّنَ احتفالَنا في ختامِ السنة اليوبيليّة
هذه بخرّيجَين من المدرسة هما الملازم أوّل جورج حدّاد والملازم أوّل رولان
الأحمر. دعوناهما ليشهدا بوجودِهما معنا على أنّ مدرستَنا المنفتحةَ على اللغاتِ
والحضارات لبنانيّة الانتماء، تربّي على الشرف والتضحية والوفاء، ولكن من باب
الدفاع عن السلم لا رغبةً في إشعال نارِ الحرب، فالجيش سياج الوطن، والسياج يحمي من الأعداء ويردّ الطامعين لكنّه لا يهاجم ولا يعتدي.
فشكرًا لهما ولقيادة الجيش التي سمحتْ لهما بالاحتفال
معنا بعيد العَلم.
أيّها التلامذة،
لم تنتهِ الحرب العالميّة الأولى على أسس العدالة
والحقّ، لذلك وقعتِ الحربُ العالميّةُ الثانية، فتعلّموا معنى السلام كي تنقذوا
العالمَ من الطمع والبغض والأنانيّة.
ولم يُبنَ لبنانُ الاستقلال على أسس
المواطنيّة والتمسّك بالأرض والدولة، ما ساهَمَ في اندلاعِ الحربِ اللبنانيّة،
فتعلّموا معنى الشراكة كي تُبعدوا عن لبنانَ كأسَ الانقسام والتفتّت.
لذلك نعمل في هذه المدرسة، منذ ربع قرن من الزمن، على تعليمِكم ثقافةَ السلامِ والانفتاح.
ففي السلام يستعيدُ لبنانُ عافيتَه الثقافيّة والعلميّة، وفي السلام يعود للبيئة
اخضرارُها، وفي السلام يُتاح لكم أن تتعلّموا وتعملوا وتنتجوا لأنّ المستقبلَ الذي
نريده لكم ليس إلّا من صنعِكم، يكون كما تكونون.
فكونوا محبّي سلام وخير وعدل، يكنِ المستقبلُ آمنًا،
وكونوا سياجَ الوطن الحامي / في الجيش والطبّ والهندسة
والتعليم والفنّ والرياضة وسائر وجوه الحياة/ يكنِ المستقبلُ واعدًا،
وكونوا منذ الآن مدافعين عن كرامة الإنسان يكنِ المستقبلُ
مشرقًا على الرغم من غيوم هنا وعواصفَ هناك.
أهنّئُكم بعيد الاستقلال الخامس والسبعين، وبعيدِ
المدرسة الخامس والعشرين، ولتنعموا بمئةِ سنةٍ من السلام. عشتم وعاشت الحكمة وعاش
لبنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق