الإنسان والعلم
يبحثُ
الإنسان، منذ وُجد، وفي محاولة منه للسيطرة على الوجود، عن المعرفة في مختلف ميادينها:
الاجتماعيّة، الفنّيّة، الاقتصاديّة، العلميّة،... وقد أدّى هذا البحث إلى تطوّر
العلم. فما العلم؟
إنّه
إدراك الحقائق واستخراج الروابط في ما بينها، توصّلا إلى وضع نواميس دقيقة لها، تُستخدم
لاحقًا، في محاولات واختبارات جديدة. وهو نوعان:
أ-
نظريّ
وهو يهدف إلى كشف الحقيقة وتعليلها وتفسيرها.
ب-
تطبيقيّ
ويعمل على استخدام النظريّات والقوانين.
فالعلم إذًا هو
مجمل المعارف المكتسبة عن طريق اكتشاف القوانين المرتبطة بالطبيعة وظواهرها. وقد
ميّز الإنسان بين النواميس المصنوعة، أي التي من وضعه، وهي قابلة للإلغاء والتعديل
وبين القوانين التي تتحكّم بالطبيعة ولا يستطيع الإنسان إلغاءها أو تعديلها، إنّما
يستطيع إستخدامها وتوجيهها في مسارات مختلفة ليتمكّن من الإفادة منها كقانون
الجاذبيّة.
وتأطيرًا للبحث العلميّ، وتقيّدًا بمنهجيّة واضحة من
أجل الوصول إلى نتائج مضمونة وثابتة، وُضِعت مناهج علميّة، من أهمّ عناصرها:
الفُضول والملاحظة والشكّ والإختبار والدليل العقليّ...
فالعلم
إذًا، في خدمة الإنسان، والإنسان توّاق دومًا إلى المزيد من الفتوحات العلميّة
حتّى ليبدو حقًّا أنّ الكثير من العلوم يتطوّر بين ليلة وضحاها كالكمبيوتر مثلا.
وينبغي أن نشير إلى أنّ الإنجاز العلميّ يتجاوز حدود
الأوطان ليشمل الإنسانيّة. وهذا الاتّجاه العالميّ يفسح في المجال أمام المشاركة
فيأتي النتاج العلميّ حصيلة التلاقي والتشابك الحضاريّ.
والمعروف
أنّ العلم لا تصبّ نتائجه دائمًا في خدمة الإنسانيّة، ولذلك فإنّه يُصنّف إلى نافع
وضار. فالنافع هو ما نتوصّل به إلى خدمة الإنسان، ولا تكون قيمته مقبولة إلاّ من
جهة إفادة الحياة وتقدّم أبنائها في أشواط السعادة. وإذا كان التقدّم العلميّ قد
جعل الحياة الفرديّة والجماعيّة ترتقي إلى الأفضل، فإنّه وصل بالمقابل، إلى نتائج
مدمِّرة كفيلة بالقضاء على الحضارة البشريّة. والصراع الذي يعيشه العالم اليوم
يهدف إلى توجيه النشاط الفكريّ نحو خدمة البشريّة وإبعادها عن خطر الفناء.
فالعلم مفيد
إلاّ إذا وُظِّف لتحقيق أهداف سيّئة، وهو وحده غير كاف لتأمين الخلاص والسعادة
للإنسان، فلا بُدّ من أن يكون التقدّم العلميّ مصحوبًا بتقدّمٍ أخلاقيّ روحيّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق