سياسة قسم اللغة العربيّة

الجمعة، 10 فبراير 2017

الحقّ موجود، ما بَدُّو شهود (4- من كتاب حكايات أدبيّة من الذاكرة الشعبيّة لسلام الراسي)



الحقّ موجود، ما بَدُّو شهود
       يُحكى أنَّ رجلًا ذهب إلى تأديةِ فريضةِ الحجّ، ولمَّا رجع وجدَ أضرارًا في بُستانه، وعلم أن حمارًا لأحد جيرانه، كان يتردَّد على بُستانه في غيابه، فيأكلُ ما يأكل ويُتلف ما يُتلف. ولذلك أقام الرجل دعوى على صاحب الحمار أمام قاضي المدينة، وأحضرَ شاهدًا شهد أنَّه رأى حمارَ المدَّعَى عليه مرارًا في بستان المدعي.
       فقال المدَّعى عليه، صاحب الحمار، إنَّ الشاهدَ عدوُّه ولا يريدُ إحقاق الحقّ بل إلحاقَ الأذى به، وأَحضر شاهدَين شهدا أَن حمارًا آخر، غيرَ حمار المدَّعى عليه – والذي يعرفانه جيًّدا – هو الذي كان يتردَّد على بستان المدَّعي. وعلى المدَّعي أن يبحثَ عن صاحب ذلك الحمار ويدَّعي عليه.
       فسأل القاضي صاحب الحمار: "وأَين هو حمارك الآن؟".
       قال: "حماري، يا سيِّدي، مربوط على معلفه، وأَنا لا أَتركه أبدًا". فأمر القاضي بإحضار اثنين من رجال الدرك وقال لهما: "إذهبا مع المدَّعى عليه إلى بيته، حيث تجدان حمارًا مربوطًا، تفكّان رسنَه وتُطلقانه، ثمّ تتبعان سيرَهُ، فإذا توجَّه إلى بستان المدَّعي كانت دعواه صحيحة.
       فصاح المدَّعى عليه: أرجوك يا سيِّدي القاضي أَن تحكم كما تشاء... وَدَعْ شأنَ الحمار، حتى لا يُقال إن محكمتكم الكريمة قبلت شهادةَ حمار أكثر من شهادة رَجُلين من أَصدق رجال قريتنا".
       فقال المدَّعي آنئذٍ: "الحقّ موجود، ما بَدُّو شهود".
       وصارت هذه العبارة تجري مجرى المثل في مناسباتها.

          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق