بَيتُ
السَعَادة
تعب قلبي في داخلي فودّعني وذهب إلى بيت
السعادة، ولما بلغ ذلك الحرم الّذي قدّسته النفس وقف حائرًا، لأنّه لم يرَ هناك ما
طالما توهمه. لم يرَ قوّةً، ولا مالاً، ولا سلطة. لم يرَ غير فتى الجمال ورفيقته
ابنة المحبّة وطفلتهما الحكمة.
وخاطب قلبي ابنة المحبّة قائلاً: أين القناعة أيّتها المحبّة، فقد سمعت أنّها
تشاطركم سكنى هذا المكان؟ قالت: ذهبت القناعة تكرز في المدينة حيث المطامع، فنحن
لا نحتاج إليها. السعادة لا تبتغي قناعة، إّنما السعادة شوق يعانقه الوصال،
والقناعة سلوّ يساوره النسيان. النفس الخالدة لا تقنع، لأنها تروم الكمال، والكمال
هو اللانهاية.
وخاطب قلبي
فتى الجمال قائلاً: أرني سرّ المرأة أيّها الجمال وأنرني لأنّك معرفة. فقال: هي
أنت أيّها القلب البشريّ وكيفما كنت كانت. هي أنا وأينما حللت حلّت. هي كالدين إذا
لم يحرّفه الجاهلون، وكالبدر إذا لم تحجبه الغيوم، وكالنسيم إذا لم تتعلّق بأذياله
أنفاس الفساد.
واقترب
قلبي من الحكمة ابنة المحبّة والجمال وقال: اعطيني حكمةً أحملها إلى البشر.
فأجابت: قل هي السعادة تبتدئ في قدس أقداس النفس ولا تأتي من الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق