سياسة قسم اللغة العربيّة

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

إملاء (الهمزة في أوّل الكلمة) - بصمة الأعياد - الحلقة الثانية

جدٌّ يلاعبُ أحفادَه



     ما أجملَ الأيّامَ التي تحمِلُ بَصْمَةَ الأعيادِ! 

    كنّا نتجَمَّعُ عِنْدَ جَدّي، وننتظِرُ، فيطولُ الانتظارُ حتّى يفرُغَ من قُدّاسِ العيد. وما إنْ يفرُغَ حتّى يُطِلَّ بقامتِهِ الطويلةِ.

    هذا المشهدُ نفسُهُ يتكرّرُ منذُ عَشَرَةِ أعْوامٍ. يُطِلُّ جدّي والاتزانُ والوَقارُ مرسومانِ على مُحيّاهُ؛ يأخذُ مكانَهُ في مَقعَدِهِ الوثيرِ، يُنَقِّلُ نظرَهُ بيننا، نحنُ الأحفادَ، ولا يحاولُ أحدٌ منّا الاقترابَ حتّى تصدُرَ عنهُ كَلِمةُ السرِّ، وهي عبارةٌ عن ابتسامةٍ تبدأ بالشفتينِ، وتصلُ إلى العينين، فتدخُلُ القلوبَ، عندَها يصيحُ كبيرُنا: "أسرعوا يا أولادُ".

    وما هي إلّا لحظاتٌ حتّى نكونَ قد تحلّقنا حولَه: هذا يقبِّلُ يدَه، وذاكَ يُعانِقِهُ، وآخرُ يُحضِرُ له جَبَّتَهُ. وتختلِطُ عباراتُ المعايدةِ فيضِجُّ بها سقفُ البيتِ، وهو إزاءَ كلِّ هذا يبتسمُ ثمّ يضحكُ، وبعدها يُقهقِهُ لِمشهدِنا، ويمدُّ يدًا سَخيّةً إلى جيبِهِ لتُفْرِجَ عن مساجينَ معدنيّةٍ، كانتْ تعني لنا الكثيرَ، أوّلًا لأنّها منه، وثانيًا لأنّ العيدَ لا يحلو من دونِها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق