حضرات الكهنة الأجلّاء
أفراد الهيئتين الإداريّة والتعليميّة الكرام
أعزائي التلامذة
على أبواب السنة التي أعلنها
قداسة الحَبر الأعظم البابا فرنسيس سنة الرحمة الإلهيّة - والتي تبدأ في 8 كانون
الأوّل، وتنتهي في مثل هذا اليومِ من سنة 2016 - نقف اليوم أمام العَلَم اللبنانيّ
لنحتفل معًا بسنة دراسيّة تحمل شعار: أنت المعنى You Matter.
وللعَلَم معنًى ورمز يتخطيّان
القماش الذي صنع منه والألوان التي رسم بها، وكذلك للاستقلال والحريّة وكرامة
الإنسان ... وكلّها أمور تحاول العقول الظلاميّة والأيدي الشريرة أن تلغي معانيها
لتجعل من كلّ ما يصنع إنسانيّتنا عناصر لا معنى لها ولا قيمة. وحين نفقد معنى
الحياة والمحبّة والسلام والعطاء نقع في عبثيّة التفجير والتدمير والتهجير، كأنْ
لا قيمة للإنسان سوى في أن يكون قاتلاً أو ضحيّة، ولا هدف للإنسانيّة إلّا أنْ تُدمِّر
نفسها.
لكنْ في خِضَّم هذا المشهد
المأساوي، ترتفع أصوات خير من هنا، وتمتدّ من هناك يد لتساعد، ويتحقّق إنجاز
علميّ، ويكتشف دواء، ويصدر عمل أدبيّ أو فنيّ، ويتحقّق رقم رياضيّ قياسيّ، وتعلن
قداسة إنسان كان مجهولًا، فنؤمن بأنّ الأرض لا بدّ أن تصير سماء. وحين ننظر إليكم
ونرى كيف تسعون لتجدوا المعنى لحياتكم، نحاول، كلّ في موقعه، أنْ نساعدكم كي
تتعلّموا أنْ لا وجود لهذا المعنى من دون آخر نحبّه ونحترمه، كما أنّ هذا العَلَم
لا معنى له عند من لا يعرف تاريخه ورموزه.
لقد وقعت خلال الأيّام الماضية
حوادث مؤلمة وخطيرة، ما جعل الناس ينشرون على صفحات التواصل الاجتماعيّ - تضامنًا
واستنكارًا - صُوَرًا لأعلام البلدان ضحية التفجيرات والإرهاب، ما يعني أنّ
الإنسانية - التي لا عَلم لها ولا شعار - تبقى أكبر من أيّ دولة وحزب وسياسة آنيّة،
ومنها نستمِدُّ معنى كينونتنا صورة على مثال الله.
فلنسعَ كلّنا، انطلاقًا من هذه
المناسبة، ليس فقط لإعطاء معنى لحياتنا وأعمالنا، بل للبحث عن معنى المعنى أي عن
الجوهر الذي يميّزنا عن سائر الكائنات التي لا تعرف الجمال والحقّ والخير، ومع ذلك
لا تعرف العنف الذي نشهده ونسكت غالبًا عليه.
أيّها التلامذة الأعزّاء
كونوا أعلامًا في أيّ مجال
تختارونه، أعلامًا في العلْم والأدب والسياسة والاقتصاد والفنون، تتركون بصمات لا
تمحى كما فعلتم بهذه الأعلام التي تسيّج المدرسة بأيديكم وتزيّنها بفرحكم، وعند
ذلك ستفتخرون بأنفسكم ويفتخر بكم أهلكم ومعلّموكم ووطنُكم.
ويا أيّها المعلّمون الأعزّاء
أَحْسنوا تلوين هذه الأعلام
الواعدة بألوان الحياة، فإذا كان من معاني اللون الأحمر أن يكون لونًا لتصحيح
أخطاء التلامذة، فليكن الأخضر لون أحلامِهم الكبيرة وآمالنا المعقودة عليهم، وليكن
الأبيض لون ضمائركم الحيّة وقلوبكم المعطاء.
عشتم أبناء الحكمة، عاش العَلَم
برموزه المُشَرِّفة، عاش لبنان الرسالة الحضاريّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق