خاطرةٌ معَ
كتابٍ:
"الياقوتةُ"
في العلمِ وَالعلماءِ
1- هوَ فصلٌ منْ فصولِ كتابِ "العقدِ الفريدِ"، يحدّدُ فيهِ
المؤلّفُ أهمَّ خاصَّةٍ تميُّز العالمَ حيثُ يقولُ: "لا يزالُ الرجلُ عالمًا
ما طلبَ العلمَ، فَإِذا ظنَّ أَنَّهُ قدْ علمَ فَقدْ جهلَ". وَهوَ قولٌ يقطعُ
بِأَنَّ العلمَ طريقٌ يُسارُ عليْهِ، وَليسَ نهايةً يوصَلُ إِليْها؛ فَالعلمُ
منهاجٌ قبلَ أَنْ يكونَ نتيجةً مقطوعًا بِصوابِها. العلمُ تيّارٌ متدفّقٌ، كلُّ
موجةٍ تتبعُها موجةٌ، في حركةٍ تدومُ ما دامَ لِلعقلِ نشاطُهُ. العلمُ لمْ يقصرْهُ
الله على فردٍ وَلا على جيلٍ وَلا على أُمّةٍ، فَفردٌ منَ الناسِ يكمّلُ ما أَنجزَهُ
آخرُ، وَجيلٌ يواصلُ طريقَ الجيلِ الذي سلفَ، وَأُمّةٌ تتكاملُ بِنتاجِها العلميِّ
معَ نتاجِ سائرِ الأُممِ.
2- إِنّ للكون كتابا صفحاته تُعدّ بالملايين، فما عليك إِلّا أَن تقلب
صفحاته ما تستطيع، وأَنت العالِم ما أَخذت تسأل وتستطلع وتبحث، ثمّ يمضي عهدك،
فيتابع خلفك السير على الطريق... فَإِذا ظنَّ إِنسانٌ أَنَّه قدْ أَتمَّ العلمَ بِفرعٍ
منْ فروعِ المعرفةِ كانَ ذلكَ برهانًا على أَنَّ بصرَهَ قدْ قصُرَ عنْ رؤيةِ الأَبعادِ
وَالأَعماقِ.
أَفَيكونُ هذا هوَ تراثَنا ثمَّ نتلفَّتُ حولَنا في حياتِنا العلميّةِ فَنرى
أَدعياءَ العِلمِ يعدّونَ بِالألوفِ، وَلا نكادُ نقعُ على العالِمِ الذي أُشربَ بِتراثِ
السلَفِ، بِحيثُ يزنُ قيمتَهُ العلميّةَ بِميزانِ متابعتِهِ لِطلبِ العلمِ، لا
القليلِ الذي حصّلَهُ؟ وَمُحالٌ أَنْ يكونَ قدْ حصّلَ إِلاّ القليلَ.
3- إِنَّ صفةَ المثقّفِ الأَساسيّةَ الأُولى هيَ أَنْ يكونَ طلعةً دائمًا،
مُسائلًا دائمًا، طالبًا لِلحقيقةِ في هذهِ المسألةِ أَوْ تلكَ... فَهوَ مثقّفٌ بِمقدارِ
ما تدفعُهُ إِلى طرحِ الأَسئلةِ، وَمحاولةِ العثورِ على إِجاباتٍ لَها. فَالمثقّفُ
هوَ مَنْ ظلَّ يلحُّ في السؤالِ، وَالعالِمُ هوُ مَنْ لبثَ يلحُّ في البحثِ، بلْ أَنَّ
الحياةَ حينَ تغزو أَغوارَها في نفسِ الإنسانِ – إنْ هيَ إلاّ هذا الإلحاحُ في
السؤالِ، وَالإِلحاحُ في البحثِ. وَيحسنُ أَنْ نوردَ، نقلًا عنْ كتابِ
"الياقوتةِ منَ العقدِ الفريدِ"، قولًا لِأَبي عمرو بن العلاء حينَ سأَلَهُ
سائلٌ: هلْ يحسنُ بِالشيخِ أَنْ يتعلّمَ؟ فَأَجابَ قائلًا: إِنْ كانَ يحسنُ بِهِ أَنْ
يعيشَ.
4- إِنَّنا إِذْ نقولُ يجبُ أَنْ نحييَ تُراثَنا لِنحياهُ ابتغاءَ التميّزِ
بِطابعٍ يَصلُ حاضرَنا بِماضينا؛ فَليسَ المُرادُ أَنْ نعيدَ طباعةَ الكُتبِ لِتوضعَ
على رفوفِ المكتباتِ، بلِ المرادُ أَنْ نعيشَ مضمونَها على نحوٍ يحفظُ لَنا الأَصالةَ،
وَلا يُفوّتُ عليْنا روحَ العصرِ. إِنَّ لَنا لتُراثًا منَ العلمِ وَالعلماءِ
يكفلُ لَنا أَنْ نتقدّمَ في ثقةٍ معَ المتقدّمينَ: موضوعُنا علمٌ حديثٌ، وَخصالُنا
منْ إِرثٍ عزيزٍ.
أسئلة حولَ النصّ
أوّلاً: في الفهم والتحليل
1- حدّد الكاتب في الفقرة الأولى الخصائص التي
تميّز العالِم. أذكرها مبيّنًا أهميّتها بالنسبة إلى العِلم. (علامة ونصف)
2- لخّص الفقرة الثانية، في حدود (30) ثلاثين كلمة
مراعيًا أصول التلخيص. (علامة ونصف)
3- استخلص من الفقرة الثالثة ثلاث
سمات لكلٍّ من المثقّف والعالم. هل من علاقة بينهما؟ وضّح. (علامتان)
4- في الفقرة الرابعة يشير الكاتب
إلى ضرورة وصل الحاضر بالماضي. وضّح مضمون هذا القول. (علامة واحدة)
5- عرّف نوع النصّ ثمّ أشر إلى
أربع خصائص متوافرة منه مدعومة بالشواهد. (علامتان)
6- ضع عنوانًا مناسبًا للنصّ
وسوّغ إجابتك. (علامة ونصف)
7- اضبط أواخر الكلمات في الفقرة
الثانية (في أن للكون حتّى... الطريقة). (علامة ونصف)
ثانيًا: في التعبير الكتابيّ (تسع
علامات)
جاء في النصّ: ... فاذا ظنّ انسان أنّه قد أتمّ العِلم بفرع من فروع
المعرفة، كان ذلك برهانًا على أنّ بصره قد قصُر عن رؤية الأبعاد والأعماق.
اشرح هذا القول مبيّنًا أنّ العلم طريقٌ لا نهايةَ له وبُعدٌ لا حدود له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق